الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ درس ] ( باب ) في النكاح وما يتعلق به وهو باب مهم ينبغي مزيد الاعتناء به وتعتريه الأحكام الخمسة ; لأن الشخص إما أن يكون له فيه رغبة أو لا فالراغب إن خشي على نفسه الزنا وجب عليه ، وإن أدى إلى الإنفاق عليها من حرام ، وإن لم يخشه ندب له [ ص: 215 ] إلا أن يؤدي إلى حرام فيحرم وغير الراغب إن أداه إلى قطع مندوب كره ، وإلا أبيح إلا أن يرجو نسلا أو ينوي خيرا من نفقة على فقيرة أو صون لها فيندب ما لم يؤد إلى محرم ، وإلا حرم والأصل فيه الندب فلذا اقتصر عليه المصنف بقوله ( ندب لمحتاج ) أي لراغب في الوطء أو فيمن يقوم بشأنه في حاله ومنزله رجا نسلا أو لا أو غير راغب ورجا النسل ; لأنه محتاج حكما ( ذي أهبة ) أي قدرة على صداق ونفقة ( نكاح بكر ) بل البكر مندوب مستقل فالأولى وبكر بالعطف .

التالي السابق


( باب في النكاح . )

( قوله : فالراغب إن خشي على نفسه الزنا ) أي إذا لم يتزوج .

( قوله : وإن أدى إلى الإنفاق عليها من حرام ) أي أو أدى إلى عدم الإنفاق عليها والظاهر وجوب إعلامها بذلك ا هـ خش وقوله : وإن أدى إلى الإنفاق عليها من حرام هذا ربما يفيده قول ابن بشير يحرم على من لم يخف العنت وكان يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو على النفقة أو كان يكتسب في موضع لا يحل فإنه يقتضي أنه إذا كان يخاف على نفسه العنت وجب عليه النكاح ، ولو أدى لضرر الزوجة بعدم النفقة عليها ، أو كان ينفق عليها من حرام ومثله قول الشامل ومنع لضرر بامرأة لعدم وطء أو نفقة أو تكسب بمحرم ولم يخف عنتا ا هـ . ولكن اعترضه ابن رحال بأن الخائف من العنت مكلف بترك الزنا ; لأنه في طوقه كما هو مكلف بترك التزوج الحرام فلا يحل فعل محرم لدفع محرم والحاصل أنه لا يحل محرم لدفع محرم ; لأنه مكلف بترك كل منهما وحينئذ فلا يصح أن يقال : إذا خاف الزنا وجب النكاح [ ص: 215 ] ولو أدى للإنفاق من حرام ، وقد يقال : إذا استحكم الأمر فالقاعدة ارتكاب أخف الضررين حيث بلغ الإلجاء ألا ترى أن المرأة إذا لم تجد ما يسد رمقها إلا بالزنا جاز لها الزنا كما يأتي .

( قوله : إلا أن يؤدي إلى حرام ) كأن يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو لعدم النفقة أو التكسب من حرام أو تأخير الصلاة عن أوقاتها لاشتغاله بتحصيل نفقتها .

( قوله : ما لم يؤد إلى حرام وإلا حرم ) علم مما قاله أن الراغب له تارة يكون واجبا عليه وتارة يكون مندوبا وتارة يكون حراما عليه ، وأما غير الراغب له فهو إما مكروه في حقه أو حرام أو مباح أو مندوب .

( قوله : وإلا حرم ) يقيد المنع بما إذا لم تعلم المرأة بعجزه عن الوطء وإلا جاز النكاح إن رضيت ، وإن لم تكن رشيدة وكذلك الرشيدة في الإنفاق ، وأما الإنفاق من كسب حرام فلا يجوز معه النكاح ، وإن علمت بذلك قاله أبو علي المسناوي ا هـ بن .

( قوله : والأصل فيه الندب ) أي وأما بقية الأحكام فهي عارضة له .

( قوله : أو فيمن يقوم بشأنه ) أي أو لراغب في امرأة تقوم بشأنه




الخدمات العلمية