الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ألا ]

                                                          ألا : ألا يألو ألوا وألوا وأليا وإليا وألى يؤلي تألية وأتلى : قصر وأبطأ ; قال :


                                                          وإن كنائني لنساء صدق فما ألى بني ولا أساءوا



                                                          ، وقال الجعدي :


                                                          وأشمط عريان يشد كتافه     يلام على جهد القتال وما ائتلى



                                                          أبو عمرو : ويقال هو مؤل أي مقصر ; قال :


                                                          مؤل في زيارتها مليم



                                                          ، ويقال للكلب إذا قصر عن صيده : ألى ، وكذلك البازي ; قال الراجز :


                                                          جاءت به مرمدا ما ملا     ما ني آل خم حين ألا



                                                          قال ابن بري : قال ثعلب فيما حكاه عنه الزجاجي في أماليه سألني بعض أصحابنا عن هذا البيت فلم أدر ما أقول ، فصرت إلى ابن الأعرابي ففسره لي فقال : هذا يصف قرصا خبزته امرأته فلم تنضجه ، فقال جاءت به مرمدا أي ملوثا بالرماد ، ما مل أي لم يمل في الجمر والرماد الحار ، وقوله : ما ني ، قال : ما زائدة كأنه قال ني الآل ، والآل : وجهه ، يعني وجه القرص ، وقوله : خم أي تغير حين ألى أي ابطأ في النضج ; وقول طفيل :


                                                          فنحن منعنا يوم حرس نساءكم     غداة دعانا عامر غير معتلي



                                                          قال ابن سيده : إنما أراد غير مؤتلي فأبدل ، العين من الهمزة ; وقول أبي سهم الهذلي :


                                                          القوم أعلم لو ثقفنا مالكا     لاصطاف نسوته وهن أوالي



                                                          أراد : لأقمن صيفهن مقصرات لا يجهدن كل الجهد في الحزن عليه ليأسهن عنه . وحكى اللحياني عن الكسائي : أقبل يضربه لا يأل ، مضمومة اللام دون واو ، ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم : لا أدر والاسم الألية ، ومنه المثل : إلا حظيه فلا أليه ; أي إن لم أحظ فلا أزال أطلب ذلك وأتعمل له وأجهد نفسي فيه ، وأصله في المرأة تصلف عند زوجها ، تقول : إن أخطأتك الحظوة فيما تطلب فلا تأل أن تتودد إلى الناس لعلك تدرك بعض ما تريد . وما ألوت ذلك أي ما استطعته . وما ألوت أن أفعله ألوا وألوا أي ما تركت . والعرب تقول : أتاني فلان في حاجة فما ألوت رده أي ما استطعت ، وأتاني في حاجة فألوت فيها أي اجتهدت . قال أبو حاتم : قال الأصمعي يقال ما ألوت جهدا أي لم أدع جهدا ; قال : والعامة تقول ما آلوك جهدا ، وهو خطأ . ويقول أيضا : ما ألوته أي لم أستطعه ولم أطقه . ابن الأعرابي في قوله - عز وجل - : لا يألونكم خبالا أي لا يقصرون في فسادكم . وفي الحديث : ما من وال إلا وله بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ، أي لا تقصر في إفساد حاله . وفي حديث زواج علي - عليه السلام - : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة - عليهما السلام : ما يبكيك فما ألوتك ونفسي ، وقد أصبت لك خير أهلي أي ما قصرت في أمرك وأمري حيث اخترت لك عليا زوجا . وفلان لا يألو خيرا أي لا يدعه ولا يزال يفعله . وفي حديث الحسن : أغيلمة حيارى تفاقدوا ما يأل لهم أن يفقهوا . يقال : يال له أن يفعل كذا يولا وأيال له إيالة أي آن له وانبغى . ومثله قولهم : نولك أن تفعل كذا ، ونوالك أن تفعله أي انبغى لك . أبو الهيثم : الألو من الأضداد يقال ألا يألو إذا فتر وضعف ، وكذلك ألى وأتلى . قال : وألا وألى وتألى إذا اجتهد [ ص: 142 ] ; وأنشد :


                                                          ونحن جياع أي ألو تألت



                                                          معناه أي جهد جهدت . أبو عبيد عن أبي عمرو : أليت أي أبطأت ; قال : وسألني القاسم بن معن عن بيت الربيع بن ضبع الفزاري :


                                                          وما ألى بني وما أساءوا



                                                          فقلت : أبطئوا ، فقال : ما تدع شيئا ، وهو فعلت من ألوت أي أبطأت ; قال أبو منصور : هو من الألو ، وهو التقصير ، وأنشد ابن جني في ألوت بمعنى استطعت لأبي العيال الهذلي :


                                                          جهراء لا تألو إذا هي أظهرت     بصرا ولا من عيلة تغنيني



                                                          أي لا تطيق . يقال : هو يألو هذا الأمر أي يطيقه ويقوى عليه . ويقال : إني لا آلوك نصحا أي لا أفتر ولا أقصر . والجوهري : فلان لا يألوك نصحا فهو آل والمرأة آلية ، وجمعها أوال . والألوة والألوة والإلوة والألية على فعيلة ، والأليا كله : اليمين ، والجمع ألايا ; قال الشاعر :


                                                          قليل الألايا حافظ ليمينه     وإن سبقت منه الألية برت



                                                          ورواه ابن خالويه : قليل الإلاء يريد الإيلاء فحذف الياء ، والفعل آلى يؤلي إيلاء : حلف وتألى يتألى تأليا وأتلى يأتلي ائتلاء . وفي التنزيل العزيز : ولا يأتل أولو الفضل منكم الآية ; وقال أبو عبيد : لا يأتل هو من ألوت أي قصرت ; وقال الفراء : الائتلاء الحلف ، وقرأ بعض أهل المدينة : ولا يتأل ، وهي مخالفة للكتاب من تأليت ، وذلك أن أبا بكر - رضي الله عنه - حلف أن لا ينفق على مسطح بن أثاثة وقرابته الذين ذكروا عائشة - رضوان الله عليها - فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية وعاد أبو بكر - رضي الله عنه - إلى الإنفاق عليهم . وقد تأليت وأتليت وآليت على الشيء وآليته ، على حذف الحرف : أقسمت . وفي الحديث : من يتأل على الله يكذبه ; أي من حكم عليه وحلف كقولك : والله ليدخلن الله فلانا النار ، وينجحن الله سعي فلان . وفي الحديث : ويل للمتألين من أمتي ; يعني الذين يحكمون على الله ويقولون : فلان في الجنة وفلان في النار ، وكذلك قوله في الحديث الآخر : من المتألي على الله . وفي حديث أنس بن مالك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آلى من نسائه شهرا أي حلف لا يدخل عليهن ، وإنما عداه بمن حملا على المعنى ، وهو الامتناع من الدخول ، وهو يتعدى بمن ، وللإيلاء في الفقه أحكام تخصه لا يسمى إيلاء دونها . وفي حديث علي - عليه السلام - : ليس في الإصلاح إيلاء أي أن الإيلاء إنما يكون في الضرار والغضب لا في النفع والرضا . وفي حديث منكر ونكير : لا دريت ولا ائتليت ، والمحدثون يروونه : لا دريت ولا تليت ، والصواب الأول : ابن سيده : قالوا لا دريت ولا ائتليت ، على افتعلت ، من قولك ما ألوت هذا أي ما استطعته ، أي ولا استطعت . ويقال : ألوته وأتليته وأليته بمعنى استطعته ; ومنه الحديث : من صام الدهر لا صام ولا ألى أي ولا استطاع الصيام ، وهو فعل منه كأنه دعا عليه ، ويجوز أن يكون إخبارا أي لم يصم ولم يقصر ، من ألوت إذا قصرت . قال الخطابي : رواه إبراهيم بن فراس ولا آل بوزن عال ، وفسر بمعنى ولا رجع ، قال : والصواب ألى مشددا ومخففا . يقال : ألا الرجل وألا إذا قصر وترك الجهد . وحكي عن ابن الأعرابي : الألو الاستطاعة ، والتقصير والجهد ، وعلى هذا يحمل قوله - تعالى - : ولا يأتل أولو الفضل منكم أي لا يقصر في إئتاء أولي القربى ، وقيل : ولا يحلف لأن الآية نزلت في حلف أبي بكر أن لا ينفق على مسطح . وقيل في قوله لا دريت ولا ائتليت : كأنه قال لا دريت ولا استطعت أن تدري ; وأنشد :


                                                          فمن يبتغي مسعاة قومي فليرم     صعودا إلى الجوزاء هل هو مؤتلي



                                                          قال الفراء : افتعلت من ألوت أي قصرت . ويقول : لا دريت ولا قصرت في الطلب ليكون أشقى لك ; وأنشد :


                                                          وما المرء ما دامت حشاشة نفسه     بمدرك أطراف الخطوب ولا آلى



                                                          وبعضهم يقول : ولا أليت ، إتباع لدريت ، وبعضهم يقول : ولا أتليت أي لا أتلت إبلك . ابن الأعرابي : الألو التقصير ، والألو المنع ، والألو الاجتهاد ، والألو الاستطاعة ; والألو العطية ; وأنشد :


                                                          أخالد لا آلوك إلا مهندا     وجلد أبي عجل وثيق القبائل



                                                          أي لا أعطيك إلا سيفا وترسا من جلد ثور ، وقيل لأعرابي ومعه بعير : أنخه ، فقال : لا آلوه . وألاه يألوه ألوا : استطاعه ; قال العرجي :


                                                          خطوطا إلى اللذات أجررت مقودي     كإجرارك الحبل الجواد المحللا
                                                          إذا قاده السواس لا يملكونه     وكان الذي يألون قولا له هلا



                                                          أي يستطيعون . وقد ذكر في الأفعال ألوت ألوا . والألوة : الغلوة والسبقة . والألوة والألوة ، بفتح الهمزة وضمها والتشديد ، لغتان : العود الذي يتبخر به ، فارسي معرب ، والجمع ألاوية دخلت الهاء للإشعار بالعجمة ، وأنشد اللحياني :


                                                          بساقين ساقي ذي قضين تحشها     بأعواد رند أو ألاوية شقرا



                                                          ذو قضين : موضع . وساقاها : جبلاها . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة أهل الجنة : ومجامرهم الألوة غير مطراة ; قال الأصمعي : هو العود الذي يتبخر به ، قال وأراها كلمة فارسية عربت . وفي حديث ابن عمر : أنه كان يستجمر بالألوة غير مطراة . قال أبو منصور : الألوة العود ، وليست بعربية ولا فارسية ; قال : وأراها هندية . وحكي في موضع آخر عن اللحياني قال : يقال لضرب من العود ألوة وألوة ولية ولوة ، ويجمع ألوة ألاوية ; قال حسان :


                                                          ألا دفنتم رسول الله في سفط     من الألوة والكافور ، منضود



                                                          وأنشد ابن الأعرابي :

                                                          [ ص: 143 ]

                                                          فجاءت بكافور وعود ألوة     شآمية تذكى عليها المجامر



                                                          ومر أعرابي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يدفن ; فقال :


                                                          ألا جعلتم رسول الله في سفط     من الألوة أحوى ملبسا ذهبا



                                                          وشاهد لية في قول الراجز :


                                                          لا يصطلي ليلة ريح صرصر     إلا بعود لية أو مجمر



                                                          ولا آتيك ألوة أبي هبيرة ; أبو هبيرة هذا : هو سعد بن زيد مناة ابن تميم ، وقال ثعلب : لا آتيك ألوة ابن هبيرة ; نصب ألوة نصب الظروف ، وهذا من اتساعهم لأنهم أقاموا اسم الرجل مقام الدهر . والألية بالفتح : العجيزة للناس وغيرهم ألية الشاة وألية الإنسان ، وهي ألية النعجة مفتوحة الألف . وفي حديث : كانوا يجتبون أليات الغنم أحياء جمع ألية ، وهي طرف الشاة ، والجب القطع ، وقيل : هو ما ركب العجز من اللحم والشحم ، والجمع أليات وألايا ; الأخيرة على غير قياس . وحكى اللحياني : إنه لذو أليات ، كأنه جعل كل جزء ألية ، ثم جمع على هذا ، ولا تقل لية ولا إلية فإنهما خطأ . وفي الحديث : لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة ; ذو الخلصة : بيت كان فيه صنم لدوس يسمى الخلصة ، أراد : لا تقوم الساعة حتى ترجع دوس عن الإسلام فتطوف نساؤهم بذي الخلصة وتضطرب أعجازهن في طوافهن كما كن يفعلن في الجاهلية . وكبش أليان ، بالتحريك ، وأليان وألى وآل وكباش ونعاج ألي مثل عمي ، قال ابن سيده : وكباش أليانات ، وقالوا في جمع آل ألي ، فإما أن يكون جمع على أصله الغالب عليه لأن هذا الضرب يأتي على أفعل كأعجز وأسته فجمعوا فاعلا على فعل ليعلم أن المراد به أفعل ، وإما أن يكون جمع نفس آل لا يذهب به إلى الدلالة على آلى ، ولكنه يكون كبازل وبزل وعائذ وعوذ . ونعجة أليانة وأليا ، وكذلك الرجل والمرأة من رجال ألي ونساء ألي وأليانات وألاء ; قال أبو إسحاق : رجل آل وامرأة عجزاء ، ولا يقال ألياء ، قال الجوهري : وبعضهم يقوله قال ابن سيده : وقد غلط أبو عبيد في ذلك . قال ابن بري : الذي يقول المرأة ألياء هو اليزيدي ; حكاه عنه أبو عبيد في نعوت خلق الإنسان . الجوهري : ورجل آلى أي عظيم الألية . وقد ألي الرجل ، بالكسر ، يألى ألى . قال أبو زيد : هما أليان للأليتين فإذا أفردت الواحدة قلت ألية ، وأنشد :


                                                          كأنما عطية بن كعب     ظعينة واقفة في ركب
                                                          ترتج ألياه ارتجاج الوطب



                                                          وكذلك هما خصيان ، الواحدة خصية . وبائعه ألاء على فعال . قال ابن بري : ، وقد جاء أليتان ، قال عنترة :


                                                          متى ما تلقني فردين ترجف     روانف أليتيك وتستطارا



                                                          واللية ، بغير همز ، لها معنيان قال ابن الأعرابي : اللية قرابة الرجل وخاصته ; وأنشد :


                                                          فمن يعصب بليته اغترارا     فإنك قد ملأت يدا وشاما



                                                          يعصب : يلوي من عصب الشيء ، وأراد باليد اليمن ; ويقول : من أعطى أهل قرابته أحيانا خصوصا فإنك تعطي أهل اليمن والشام . واللية أيضا : العود الذي يستجمر به ، وهي الألوة . ويقال : لأى إذا أبطأ ، وألا إذا تكبر ; قال الأزهري : ألا إذا تكبر حرف غريب لم أسمعه لغير ابن الأعرابي ، قال أيضا : الألي الرجل الكثير الأيمان . وألية الحافر : مؤخره . وألية القدم : ما وقع عليه الوطء من البخصة التي تحت الخنصر . وألية الإبهام : ضرتها ، وهي اللحمة التي في أصلها والضرة التي تقابلها . وفي الحديث : فتفل في عين علي ومسحها بألية إبهامه ، ألية الإبهام أصلها ، وأصل الخنصر الضرة . وفي حديث البراء : السجود على أليتي الكف ، أراد ألية الإبهام وضرة الخنصر ، فغلب كالعمرين والقمرين . وألية الساق : حماتها ، قال ابن سيده : هذا قول الفارسي . الليث : ألية الخنصر اللحمة التي تحتها ، وهي ألية اليد ، وألية الكف هي اللحمة التي في أصل الإبهام ، وفيها الضرة ، وهي اللحمة التي في الخنصر إلى الكرسوع ، والجمع الضرائر . والألية : الشحمة . ورجل ألاء : يبيع الألية ، يعني الشحم . والألية يعني الشحم . والألية : المجاعة ، عن كراع . التهذيب : في البقرة الوحشية لآة وألاة بوزن لعاة وعلاة . ابن الأعرابي : الإلية ، بكسر الهمزة ، القبل . وجاء في الحديث : لا يقام الرجل من مجلسه حتى يقوم من إلية نفسه أي من قبل نفسه من غير أن يزعج أو يقام ، وهمزتها مكسورة . قال أبو منصور : قال غيره قام فلان من ذي إلية أي من تلقاء نفسه . وروي عن ابن عمر : أنه كان يقوم له الرجل من لية نفسه ، بلا ألف ; قال أبو منصور : كأنه اسم من ولي يلي مثل الشية من وشى يشي ، ومن قال : إلية فأصلها ولية ; فقلبت الواو همزة ; وجاء في رواية : كان يقوم له الرجل من إليته فما يجلس في مجلسه . والآلاء : النعم واحدها ألى ، بالفتح ، وإلي وإلى ; قال الجوهري : قد تكسر وتكتب بالياء ، مثال معى وأمعاء ; وقول الأعشى :


                                                          أبيض لا يرهب الهزال ولا     يقطع رحما ولا يخون إلا



                                                          قال ابن سيده : يجوز أن يكون إلا هنا واحد آلاء الله ، ويخون : يكفر ، مخففا من الإل الذي هو العهد . وفي الحديث : تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : حتى أورى قبسا لقابس آلاء الله ; قال النابغة :


                                                          هم الملوك وأبناء الملوك لهم     فضل على الناس في الآلاء والنعم



                                                          قال ابن الأنباري : إلا كان في الأصل ولا ، وألا كان في الأصل ولا . والألاء بالفتح : شجر حسن المنظر مر الطعم ; قال بشر بن أبي خازم :


                                                          فإنكم ومدحكم بجيرا [ ص: 144 ]     أبا لجأ كما امتدح الألاء



                                                          وأرض مألأة : كثيرة الألاء . والألاء : شجر من شجر الرمل دائم الخضرة أبدا يؤكل ما دام رطبا فإذا عسا امتنع ودبغ به ، واحدته ألاءة ، حكى ذلك أبو حنيفة ; قال : ويجمع أيضا ألاءات وربما قصر الألا ; قال رؤبة :


                                                          يخضر ما اخضر الألا والآس



                                                          قال ابن سيده : وعندي أنه إنما قصر ضرورة . وقد تكون الألاءات جمعا ، حكاه أبو حنيفة ، وقد تقدم في الهمز . وسقاء مألي ومألو : دبغ بالألاء ; عنه أيضا . وإلياء : مدينة بيت المقدس . وإليا : اسم رجل . والمئلاة ، بالهمز ، على وزن المعلاة : خرقة تمسكها المرأة عند النوح ، والجمع المآلي . وفي حديث عمرو بن العاص : إني والله ما تأبطتني الإماء ولا حملتني البغايا في غبرات المآلي ; المآلي : جمع مئلاة بوزن سعلاة ، وهي هاهنا خرقة الحائض أيضا . يقال : آلت المرأة إيلاء إذا اتخذت مئلاة ، وميمها زائدة ، نفى عن نفسه الجمع بين سبتين : أن يكون لزنية ، وأن يكون محمولا في بقية حيضة ; قال لبيد يصف سحابا :


                                                          كأن مصفحات في ذراه     وأنواحا عليهن المآلي



                                                          المصفحات : السيوف وتصفيحها : تعريضها ومن رواه مصفحات بكسر الفاء ، فهي النساء ; شبه لمع البرق بتصفيح النساء إذا صفقن بأيديهن .

                                                          إلى : حرف خافض وهو منتهى لابتداء الغاية ، تقول : خرجت من الكوفة إلى مكة ، وجائز أن تكون دخلتها ، وجائز أن تكون بلغتها ولم تدخلها لأن النهاية تشمل أول الحد وآخره ، وإنما تمنع من مجاوزته . قال الأزهري : وقد تكون إلى انتهاء غاية كقوله ، - عز وجل - : ثم أتموا الصيام إلى الليل . وتكون إلى بمعنى مع كقوله تعالى : ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ; معناه : مع أموالكم ، وكقولهم : الذود إلى الذود إبل . وقال الله - عز وجل - : من أنصاري إلى الله أي : مع الله . وقال عز وجل : وإذا خلوا إلى شياطينهم ، وأما قوله عز وجل : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإن العباس وجماعة من النحويين جعلوا إلى بمعنى مع هاهنا وأوجبوا غسل المرافق والكعبين . وقال المبرد وهو قول الزجاج : اليد من أطراف الأصابع إلى الكتف والرجل من الأصابع إلى أصل الفخذين ، فلما كانت المرافق والكعبان داخلة في تحديد اليد والرجل كانت داخلة فيما يغسل وخارجة مما لا يغسل . قال : ولو كان المعنى مع المرافق لم يكن في المرافق فائدة وكانت اليد كلها يجب أن تغسل ، ولكنه لما قيل إلى المرافق اقتطعت في الغسل من حد المرفق . قال أبو منصور : وروى النضر عن الخليل أنه قال : إذا استأجر الرجل دابة إلى مرو ، فإذا أتى أدناها فقد أتى مرو ، وإذا قال إلى مدينة مرو فإذا أتى باب المدينة فقد أتاها . وقال في قوله - تعالى - : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ; إن المرافق فيما يغسل . ابن سيده قال : إلى منتهى لابتداء الغاية . قال سيبويه : خرجت من كذا إلى كذا ، وهي مثل حتى ، إلا أن لحتى فعلا ليس لإلى . ونقول للرجل : إنما أنا إليك أي : أنت غايتي ، ولا تكون حتى هنا فهذا أمر إلى وأصله وإن اتسعت ، وهي أعم في الكلام من حتى ، تقول : قمت إليه فتجعله منتهاك من مكانك ولا تقول : حتاه . وقوله عز وجل : من أنصاري إلى الله وأنت لا تقول : سرت إلى زيد تريد معه ، فإنما جاز من أنصاري إلى الله لما كان معناه من ينضاف في نصرتي إلى الله فجاز لذلك أن تأتي هنا بإلى . وكذلك قوله تعالى : هل لك إلى أن تزكى وأنت إنما تقول هل لك في كذا ، ولكنه لما كان هذا دعاء منه - صلى الله عليه وسلم - له صار تقديره أدعوك أو أرشدك إلى أن تزكى ; وتكون إلى بمعنى عند كقول الراعي :


                                                          صناع فقد سادت إلي الغوانيا



                                                          أي : عندي . وتكون بمعنى مع كقولك : فلان حليم إلى أدب وفقه ; وتكون بمعنى في كقول النابغة :


                                                          فلا تتركني بالوعيد كأنني     إلى الناس مطلي به القار أجرب



                                                          قال سيبويه : وقالوا إليك إذا قلت تنح ، قال : وسمعنا من العرب من يقال له : إليك ، فيقول إلي ، كأنه قيل له تنح ، فقال : أتنحى ، ولم يستعمل الخبر في شيء من أسماء الفعل إلا في قول هذا الأعرابي . وفي حديث الحج : وليس ثم طرد ولا إليك إليك ; قال ابن الأثير : هو كما تقول : الطريق الطريق ، ويفعل بين يدي الأمراء ، ومعناه : تنح وابعد ، وتكريره للتأكيد . وأما قول أبي فرعون يهجو نبطية استسقاها ماء :


                                                          إذا طلبت الماء قالت ليكا     كأن شفريها ، إذا ما احتكا
                                                          حرفا برام كسرا فاصطكا



                                                          فإنما أراد إليك أي : تنح ، فحذف الألف عجمة . قال ابن جني : ظاهر هذا أن ليكا مردفة ، واحتكا واصطكا غير مردفتين ، قال : وظاهر الكلام عندي أن يكون ألف ليكا رويا ، وكذلك الألف من احتكا واصطكا روي ، وإن كانت ضمير الاثنين . والعرب تقول إليك عني أي : أمسك وكف ، وتقول : إليك كذا وكذا أي : خذه ; ومنه قول القطامي :


                                                          إذا التياز ذو العضلات قلنا     إليك إليك ضاق بها ذراعا



                                                          وإذا قالوا : اذهب إليك ، فمعناه : اشتغل بنفسك وأقبل عليها ; وقال الأعشى :


                                                          فاذهبي ما إليك أدركني الحل     م عداني عن هيجكم إشفاقي



                                                          وحكى النضر بن شميل عن الخليل في قولك : فإني أحمد إليك الله قال : معناه : أحمد معك . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - أنه قال لابن عباس - رضي الله عنهما - : إني قائل قولا وهو إليك ، قال ابن الأثير : في الكلام إضمار أي : هو سر أفضيت به إليك . وفي حديث ابن عمر : اللهم إليك . أي : أشكو إليك أو خذني إليك . وفي حديث [ ص: 145 ] الحسن - رضي الله عنه - : أنه رأى من قوم رعة سيئة فقال : اللهم إليك ، أي : اقبضني إليك ; والرعة : ما يظهر من الخلق . وفي الحديث : والشر ليس إليك أي : ليس مما يتقرب به إليك ، كما يقول الرجل لصاحبه : أنا منك وإليك أي : التجائي وانتمائي إليك . ابن السكيت : يقال صاهر فلان إلى بني فلان وأصهر إليهم ; وقول عمرو :


                                                          إليكم يا بني بكر إليكم     ألما تعلموا منا اليقينا ؟



                                                          قال ابن السكيت : معناه اذهبوا إليكم وتباعدوا عنا . وتكون إلى بمعنى عند ; قال أوس :


                                                          فهل لكم فيها إلي ، فإنني     طبيب بما أعيا النطاسي حذيما



                                                          وقال الراعي :


                                                          يقال ، إذا راد النساء : خريدة     صناع فقد سادت إلي الغوانيا



                                                          أي : عندي ، وراد النساء : ذهبن وجئن ، امرأة رواد أي : تدخل وتخرج . ‏

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية