الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 4484 ] كتاب الاستبراء

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ف) نسخة فرنسا رقم (1071)

                                                                                                                                                                                        2 - (ر) نسخة الحمزوية رقم (110) [ ص: 4485 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 4486 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 4487 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

                                                                                                                                                                                        كتاب الاستبراء

                                                                                                                                                                                        باب في استبراء الأمة

                                                                                                                                                                                        أوجب الله سبحانه العدة على المطلقات المدخول بهن، ومنعهن الأزواج حتى يعلم براءة أرحامهن، إما بالحيض وإما بمدة يعلم فيها أنها ليست بحامل، وهي ثلاثة أشهر، فإن لم تر حيضا، أو تضع الحمل إن كانت حاملا، وكان يمنع من لم يظهر منها حمل؛ حفظا للأنساب وحماية أن تأتي بولد فلا تعلم حقيقة من ينسب إليه منهما، أو يكونا فيه شريكين، ومنعت الحامل وإن كان النسب ثابتا من الأول; لأن فيه ضربا من الاشتراك، ولا فرق بين ذلك في حفظ الأنساب، ومنع الاشتراك في الولد بين الحرائر والإماء، فلا يجوز لأحد أن يطأ أمة تقدم فيها وطء لغيره إلا بعد استبراء رحمها من الأول، وبعد [ ص: 4488 ] وضع حملها إن كانت حاملا، قياسا على المعتدات؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض". ولحديث أنس قال: صارت صفية للنبي -صلى الله عليه وسلم- فلما بلغت سد الروحاء حلت ثم بنى بها. أخرجه البخاري. ولحديث أبي الدرداء قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- على امرأة مجح على باب فسطاط، فقال: "لعله أن يلم بها" فقالوا: نعم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحل له". أخرجه مسلم.

                                                                                                                                                                                        وفي النسائي عن ابن عباس قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن وطء الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن. وفي الموطأ عن عبد الله بن أبي أمية: أنه قال في امرأة توفي عنها زوجها فاعتدت، ثم تزوجت، ثم أتت بولد تام لأربعة أشهر، فسأل عمر بن الخطاب عن ذلك، فقال نسوة من أهل المدينة: هذه امرأة هلك عنها زوجها حين حملت فأهريقت دما فحبس ولدها في بطنها، فلما أصابها الثاني وأصاب الماء الولد تحرك في بطنها وكبر، [ ص: 4489 ] فصدقهن عمر وفرق بينهما. فكان منع وطء الحامل; لأن فيه ضربا من الاشتراك.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف فيمن وطئ أمته وهي حامل من غيره، هل يعتق عليه ذلك الولد؟ فذكر ابن حبيب عن الليث بن سعد وغيره أنهم قالوا: يعتق عليه. وقال: قال ابن لهيعة: لم يزل الخلفاء يقضون بذلك. وروى مطرف عن مالك أنه قال: يعتق بغير حكم، ولو كان ذلك الحمل جارية، لم يجز لابن السيد أن يطأ تلك الجارية إذا وطئ الأب أمها وهي حامل بها. [ ص: 4490 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية