الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              [ ص: 145 ] سورة الواقعة [ فيها آية واحدة ]

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { لا يمسه إلا المطهرون } . فيها خمس مسائل : المسألة الأولى [ هل ] هذه الآية مبينة حال القرآن في كتب الله أم هي مبينة في كتبنا ؟ فقيل : هو اللوح المحفوظ . وقيل : هو ما بأيدي الملائكة ; فهذا كتاب الله . وقيل : هي مصاحفنا . المسألة الثانية قوله : { لا يمسه } فيه قولان : أحدهما أنه المس بالجارحة حقيقة .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : معناه لا يجد طعم نفعه إلا المطهرون بالقرآن ; قاله الفراء . المسألة الثالثة قوله : { إلا المطهرون } فيه قولان : أحدهما أنهم الملائكة طهروا من الشرك والذنوب .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : أنه أراد المطهرين من الحدث ، وهم المكلفون من الآدميين . المسألة الرابعة هل قوله : { لا يمسه } نهي أو نفي ؟ فقيل : لفظه لفظ الخبر ، ومعناه النهي .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : هو نفي . وكان ابن مسعود يقرؤها : ما يمسه إلا المطهرون ، لتحقيق النفي . المسألة الخامسة في تنقيح الأقوال : أما قول من قال : إن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ فهو باطل ; لأن الملائكة لا تناله في وقت ، ولا تصل إليه بحال ; فلو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه محل . [ ص: 146 ]

                                                                                                                                                                                                              وأما من قال : أنه الذي بأيدي الملائكة من الصحف فإنه قول محتمل ; وهو الذي اختاره مالك قال : أحسن ما سمعت في قوله : { لا يمسه إلا المطهرون } أنها بمنزلة الآية التي في { عبس وتولى } : { فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة } يريد أن المطهرين هم الملائكة الذين وصفوا بالطهارة في سورة " عبس "

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية