الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 4746 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 4747 ] كتاب الجوائح

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ف) نسخة فرنسا رقم (1071)

                                                                                                                                                                                        2 - (ت) نسخة تازة رقم (234 & 243)

                                                                                                                                                                                        3 - (ر) نسخة الحمزوية رقم (110) [ ص: 4748 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 4749 ]

                                                                                                                                                                                        كتاب الجوائح

                                                                                                                                                                                        باب في جوائح الثمار والزرع وغيره، وما يكون جائحته متعلقة بالثلث، وما يوضع قليله وكثيره

                                                                                                                                                                                        الأصل في وضع الجوائح في الثمار حديث جابر قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوضع الجوائح. وقال في حديث آخر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو بعت من أخيك ثمرا وأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق؟". أخرج هذين الحديثين مسلم.

                                                                                                                                                                                        ولا تخلو جائحة الثمار إذا بيعت بعد الطيب من خمسة أوجه:

                                                                                                                                                                                        إما أن تكون الجائحة قبل أن ينقطع عنه السقي، أو بعد أن ينقطع عنه السقي، أو قبل أن تنقطع منفعة الأصول وتنقله إلى الطيب أو نضج أو حلاوة وما أشبه ذلك، أو يكون بقاؤه لئلا يفسد إن أزيل الآن كالبقول وما أشبهها، أو تكون الجائحة بعد أن انقطعت منفعة الأصول وكانا شرطا جداد [ ص: 4750 ] الثمرة على البائع، أو كانت تلك العادة عندهم، أو كان الجداد على المشتري وهي محبوسة بالثمن وقد مكن المشتري من قبضها إما لأنه دفع الثمن، أو لأن البائع رضي بتسليمها قبل القبض، أو لأنه اشتراها بثمن إلى أجل.

                                                                                                                                                                                        فإن بيعت الثمار بعد أن أزهت كانت فيها الجائحة، وسواء كانت في ذلك تحتاج إلى السقي أو انقطع عنها أو كانت بعلا; لأن تأخير جدادها لتنتقل من الزهو إلى الإثمار فيتم خلفها، والذي تنتقل إليه ويصير فيه من حلاوة أو ما أشبه ذلك شيء مبيع لم يوجد بعد، وإنما اشتراها ليقبضها على صفة، فمتى لم توجد تلك الصفة كانت المصيبة من البائع.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا لم تبق حالة ينتقل إليها وكان بقاؤه ليستكمل جفافه أو لئلا يفسد إن جد; لأنه حينئذ كالبقل يؤخر ليقبض شيئا بعد شيء لئلا يفسد إن جد مرة واحدة وليس لينتقل في حاله، فقد اختلف في جائحته هل هي من البائع أو من المشتري؟ فإن تم جفافه ولم يبق إلا جذاذه، وقد تمكن المشتري منه; لأنه نقد الثمن أو كان الثمن إلى أجل وكان الجذاذ على المشتري كانت المصيبة من المشتري.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان الجذاذ على المشتري وهي محبوسة بالثمن، هل المصيبة من البائع أو من المشتري; لأنها حينئذ كالثوب والعبد؟ واختلف أيضا إذا لم تكن محبوسة بالثمن وكان الجذاذ على الجائح، هل المصيبة منه أو من المشتري؟ [ ص: 4751 ]

                                                                                                                                                                                        وكذلك العنب إن أجيح قبل أن يستكمل عسليته كان من البائع، وإن استكمل كان بقاؤه ليأخذه على قدر حاجته؛ لئلا يفسد عليه إن قطعه معا ثم استعمله على قدر حاجته إليه، كان على الخلاف إذا كانت العادة بقاءه لمثل ذلك، وإن كانت العادة جداده حينئذ معا فأخره ليأخذه على قدر حاجته كان من المشتري، وكذلك الزيتون إن أصيب قبل أن يستكمل زيته كان من البائع; لأن الباقي مشترى وهو لم يوجد بعد; وإنما يدخل المشتري على قبضه بعدما يكمل.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية