الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 489 ] 18 - باب

                                كيف تهل الحائض بالحج والعمرة ؟

                                خرج فيه :

                                313 319 - حديث ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع . فذكرت الحديث ، إلى أن قالت : فحضت ، فلم أزل حائضا حتى كان يوم عرفة ، ولم أهلل إلا بعمرة ، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنقض رأسي ، وأمتشط ، وأهل بحج ، وأترك العمرة . ففعلت ذلك حتى قضيت حجي ، فبعث معي عبد الرحمن بن أبي بكر ، فأمرني أن أعتمر مكان عمرتي من التنعيم .

                                التالي السابق


                                فيه دليل على أن الحائض إذا أرادت الإحرام فإنها تغتسل له ، ثم تهل بما تريد أن تحرم به من حج أو عمرة . والإهلال التلبية .

                                وخرج مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما حاضت : ( اغتسلي ، ثم أهلي بالحج ) .

                                ومن حديث جابر أيضا قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا ذا الحليفة ، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أصنع ؟ قال : ( اغتسلي واستثفري بثوب ، وأحرمي ) .

                                ومن حديث عائشة ، قالت : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر [ ص: 490 ] بالشجرة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر [يأمرها] أن تغتسل وتهل .

                                وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من رواية خصيف ، عن عكرمة ومجاهد وعطاء ، عن ابن عباس - يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم - : ( إن النفساء والحائض تغتسل وتحرم ، فتقضي المناسك كلها ، غير أن لا تطوف بالبيت حتى تطهر ) . وقال الترمذي : حديث حسن .

                                وهذا قول جماعة أهل العلم ، لا يعلم بينهم اختلاف فيه - أن الحائض يجوز أن تحرم بالحج والعمرة ، وتفعل ما يفعله الطاهر ، سوى الطواف بالبيت كما سبق .

                                ولكن منهم من كره لها أن تبتدئ الإحرام من غير حاجة إليه ، فكره الضحاك وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري أن تحرم في حال دمها قبل الميقات ; لأنه لا حاجة لها إلى ذلك . فإذا وصلت إلى الميقات ، ولم تطهر - فإحرامها حينئذ ضرورة .

                                وكره عطاء لمن كانت بمكة وهي حائض أن تخرج إلى الميقات ، فتهل بعمرة ، وقال : لا تخرج حتى تطهر . وهو محمول على المقيمة بمكة التي يمكنها تأخير الإحرام إلى حال طهرها .



                                الخدمات العلمية