الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3388 (35) باب

                                                                                              ترك الاستعانة بالمشركين

                                                                                              [ 1332 ] عن عائشة أنها قالت: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة، أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك. قال: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة، أدركه الرجل . فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال أول مرة، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك. قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فانطلق" .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 148 و 149)، ومسلم (1817) وأبو داود (2732)، والترمذي (1558).

                                                                                              [ ص: 695 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 695 ] (35) ومن باب: ترك الاستعانة بالمشركين

                                                                                              قوله : ( فلما كان بحرة الوبرة ) ; هو بفتح الباء والراء ، وهي الرواية المعروفة ، وقيده بعضهم بسكون الباء ، وهو موضع على أربعة أميال من المدينة .

                                                                                              وقوله -صلى الله عليه وسلم- : ( ارجع ، فلن أستعين بمشرك ) ، بظاهر هذا الحديث قال كافة العلماء ; مالك وغيره ، فكرهوا الاستعانة بالمشركين في الحرب . وقال مالك وأصحابه : لا بأس أن يكونوا نواتية وخداما .

                                                                                              واختلف في استعمالهم برميهم بالمجانيق ، فأجيز وكره . وأجاز ابن حبيب : أن يستعمل من سالم منهم في قتال من حارب منهم . وقال بعض علمائنا بجواز ذلك ، ويكونون ناحية من عسكر المسلمين . وقالوا : إنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في وقت مخصوص ، لرجل مخصوص ، لا على العموم . وظاهر الحديث حجة عليهم .

                                                                                              ثم إذا قلنا : يستعان بهم . فهل يسهم لهم أو لا ؟ قولان . وإلى الأول ذهب الزهري والأوزاعي . وإلى الثاني ذهب مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، [ ص: 696 ] وأبو ثور . وقال الشافعي مرة : لا يعطون من الفيء شيئا ، ويعطون من سهم النبي -صلى الله عليه وسلم- . وقال قتادة : لهم ما صالحوا عليه .




                                                                                              الخدمات العلمية