الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دبب ]

                                                          دبب : دب النمل وغيره من الحيوان على الأرض ، يدب دبا ودبيبا : مشى على هينته .

                                                          وقال ابن دريد : دب يدب دبيبا ، ولم يفسره ، ولا عبر عنه .

                                                          ودببت أدب دبة خفية ، وإنه لخفي الدبة أي الضرب الذي هو عليه من الدبيب .

                                                          ودب الشيخ أي مشى مشيا رويدا .

                                                          وأدببت الصبي أي حملته على الدبيب .

                                                          ودب الشراب في الجسم والإناء والإنسان ، يدب دبيبا : سرى ; ودب السقم في الجسم ، والبلى في الثوب ، والصبح في الغبش : كله من ذلك .

                                                          ودبت عقاربه : سرت نمائمه وأذاه .

                                                          ودب القوم إلى العدو دبيبا إذا مشوا على هينتهم ، لم يسرعوا .

                                                          وفي الحديث : عنده غليم يدبب ; أي يدرج في المشي رويدا ، وكل ماش على الأرض : دابة ودبيب .

                                                          والدابة : اسم لما دب من الحيوان ، مميزة وغير مميزة .

                                                          وفي التنزيل العزيز : والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ; ولما كان لما يعقل ، ولما لا يعقل ، قيل : فمنهم ; ولو كان لما لا يعقل لقيل : فمنها ، أو فمنهن ، ثم قال : من يمشي على بطنه ; وإن كان أصلها لما لا يعقل ، لأنه لما خلط الجماعة ، فقال منهم ، جعلت العبارة بمن ; والمعنى : كل نفس دابة .

                                                          وقوله - عز وجل : ما ترك على ظهرها من دابة ; قيل : من دابة من الإنس والجن ، وكل ما يعقل ; وقيل : إنما أراد العموم ; يدل على ذلك قول ابن عباس - رضي الله عنهما : كاد الجعل يهلك ، في جحره ، بذنب ابن آدم .

                                                          ولما قال الخوارج لقطري : اخرج إلينا يا دابة ، فأمرهم بالاستغفار ، تلوا الآية حجة عليه .

                                                          والدابة : التي تركب ; قال : وقد غلب هذا الاسم على ما يركب من الدواب ، وهو يقع على المذكر والمؤنث ، وحقيقته الصفة .

                                                          وذكر عن رؤبة أنه كان يقول : قرب ذلك الدابة ، لبرذون له .

                                                          ونظيره ، من المحمول على المعنى ، قولهم : هذا شاة ، قال الخليل : ومثله قوله تعالى : هذا رحمة من ربي .

                                                          وتصغير الدابة : دويبة ، الياء ساكنة ، وفيها إشمام من الكسر ، وكذلك ياء التصغير إذا جاء بعدها حرف مثقل في كل شيء .

                                                          وفي الحديث : وحملها على حمار من هذه الدبابة ; أي الضعاف التي تدب في المشي ولا تسرع .

                                                          ودابة الأرض : أحد أشراط الساعة .

                                                          وقوله تعالى : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض ; قال : جاء في التفسير أنها تخرج بتهامة ، بين الصفا والمروة ; وجاء أيضا : أنها تخرج ثلاث مرات ، من ثلاثة أمكنة ، وأنها تنكت في وجه الكافر نكتة سوداء ، وفي وجه المؤمن نكتة بيضاء ، فتفشو نكتة الكافر ، حتى يسود منها وجهه أجمع ، وتفشو نكتة المؤمن ، حتى يبيض منها وجهه أجمع ، فتجتمع الجماعة على المائدة ، فيعرف المؤمن من الكافر .

                                                          وورد ذكر دابة الأرض في حديث أشراط الساعة ; قيل : إنها دابة طولها ستون ذراعا ، ذات قوائم ووبر ; وقيل : هي مختلفة الخلقة ، تشبه عدة من الحيوانات ، ينصدع جبل الصفا ، فتخرج منه ليلة جمع ، والناس سائرون إلى منى ; وقيل : من أرض الطائف ، ومعها عصا موسى ، وخاتم سليمان - عليهما السلام - لا [ ص: 207 ] يدركها طالب ، ولا يعجزها هارب ، تضرب المؤمن بالعصا ، وتكتب في وجهه : مؤمن ; والكافر تطبع وجهه بالخاتم ، وتكتب فيه : هذا كافر .

                                                          ويروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : أول أشراط الساعة خروج الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها .

                                                          وقالوا في المثل : أعييتني من شب إلى دب ، بالتنوين ، أي مذ شببت إلى أن دببت على العصا .

                                                          ويجوز : من شب إلى دب ; على الحكاية ، وتقول : فعلت كذا من شب إلى دب ، وقولهم : أكذب من دب ودرج ، أي أكذب الأحياء والأموات ; فدب : مشى ; ودرج : مات وانقرض عقبه .

                                                          ورجل دبوب وديبوب : نمام ، كأنه يدب بالنمائم بين القوم ; وقيل : ديبوب ، يجمع بين الرجال والنساء ، فيعول ، من الدبيب ، لأنه يدب بينهم ويستخفي ; وبالمعنيين فسر قوله - صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة ديبوب ولا قلاع ; وهو كقوله - صلى الله عليه وسلم : لا يدخل الجنة قتات .

                                                          ويقال : إن عقاربه تدب إذا كان يسعى بالنمائم .

                                                          قال الأزهري : أنشدني المنذري ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي :


                                                          لنا عز ومرمانا قريب ومولى لا يدب مع القراد

                                                          قال : مرمانا قريب ، هؤلاء عنزة ; يقول : إن رأينا منكم ما نكره ، انتمينا إلى بني أسد ; وقوله يدب مع القراد : هو الرجل يأتي بشنة فيها قردان ، فيشدها في ذنب البعير ، فإذا عضه منها قراد نفر ، فنفرت الإبل ، فإذا نفرت ، استل منها بعيرا . يقال للص السلال : هو يدب مع القراد .

                                                          وناقة دبوب : لا تكاد تمشي من كثرة لحمها ، إنما تدب ، وجمعها دبب ، والدباب مشيها .

                                                          والمدبب : الجمل الذي يمشي دبادب .

                                                          ودبة الرجل : طريقه الذي يدب عليه .

                                                          وما بالدار دبي ودبي أي ما بها أحد يدب . قال الكسائي : هو من دببت أي ليس فيها من يدب ، وكذلك : ما بها دعوي ودوري وطوري ، لا يتكلم بها إلا في الجحد .

                                                          وأدب البلاد : ملأها عدلا ، فدب أهلها ، لما لبسوه من أمنه ، واستشعروه من بركته ويمنه ; قال كثير عزة :


                                                          بلوه فأعطوه المقادة بعدما     أدب البلاد سهلها وجبالها

                                                          ومدب السيل ومدبه : موضع جريه ; وأنشد الفارسي :


                                                          وقرب جانب الغربي يأدو     مدب السيل واجتنب الشعارا

                                                          يقال : تنح عن مدب السيل ومدبه ، ومدب النمل ومدبه ; فالاسم مكسور ، والمصدر مفتوح ، وكذلك المفعل من كل ما كان على فعل يفعل . التهذيب : والمدب موضع دبيب النمل وغيره .

                                                          والدبابة : التي تتخذ للحروب ، يدخل فيها الرجال ، ثم تدفع في أصل حصن ، فينقبون ، وهم في جوفها ، سميت بذلك لأنها تدفع فتدب .

                                                          وفي حديث عمر - رضي الله عنه - قال : كيف تصنعون بالحصون ؟ قال : نتخذ دبابات يدخل فيها الرجال . الدبابة : آلة تتخذ من جلود وخشب ، يدخل فيها الرجال ، ويقربونها من الحصن المحاصر لينقبوه ، وتقيهم ما يرمون به من فوقهم .

                                                          والدبدب : مشي العجروف من النمل ، لأنه أوسع النمل خطوا ، وأسرعها نقلا .

                                                          وفي التهذيب : الدبدبة العجروف من النمل ، وكل سرعة في تقارب خطو : دبدبة ; والدبدبة : كل صوت أشبه صوت وقع الحافر على الأرض الصلبة ; وقيل : الدبدبة ضرب من الصوت ; وأنشد أبو مهدي :


                                                          عاثور شر أيما عاثور     دبدبة الخيل على الجسور

                                                          أبو عمرو : دبدب الرجل إذا جلب ، ودردب إذا ضرب بالطبل .

                                                          والدبداب : الطبل ; وبه فسر قول رؤبة :

                                                          أو ضرب ذي جلاجل دبداب .

                                                          وقول رؤبة :


                                                          إذا تزابى مشية أزائبا     سمعت من أصواتها ، دبادبا

                                                          قال : تزابى مشى مشية فيها بطء . قال : والدبادب صوت كأنه دب دب ، وهي حكاية الصوت .

                                                          وقال ابن الأعرابي : الدبادب والجباجب : الكثير الصياح والجلبة ; وأنشد :


                                                          إياك أن تستبدلي قرد القفا     حزابية وهيبانا جباجبا
                                                          ألف كأن الغازلات منحنه     من الصوف نكثا أو لئيما دبادبا

                                                          والدبة : الحال ; وركبت دبته ودبه أي لزمت حاله وطريقته ، وعملت عمله ; قال :


                                                          إن يحيى وهذيل     ركبا دب طفيل

                                                          وكان طفيل تباعا للعرسات من غير دعوة .

                                                          يقال : دعني ودبتي أي دعني وطريقتي وسجيتي .

                                                          ودبة الرجل : طريقته من خير أو شر ، بالضم .

                                                          وقال ابن عباس - رضي الله عنهما : اتبعوا دبة قريش ، ولا تفارقوا الجماعة . الدبة ، بالضم : الطريقة والمذهب .

                                                          والدبة : الموضع الكثير الرمل ; يضرب مثلا للدهر الشديد ، يقال : وقع فلان في دبة من الرمل ، لأن الجمل إذا وقع فيه تعب .

                                                          والدب الكبير : من بنات نعش ; وقيل : إن ذلك يقع على الكبرى والصغرى ، فيقال لكل واحد منهما دب ، فإذا أرادوا فصلها ، قالوا : الدب الأصغر ، والدب الأكبر .

                                                          والدب : ضرب من السباع ، عربية صحيحة ، والجمع دباب ودببة ، والأنثى دبة .

                                                          وأرض مدبة : كثيرة الدببة .

                                                          والدبة : التي يجعل فيها الزيت والبزر والدهن ، والجمع دباب ، عن سيبويه .

                                                          والدبة : الكثيب من الرمل ، بفتح الدال ، والجمع دباب ، عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          كأن سليمى إذا ما جئت طارقها     وأخمد الليل نار المدلج الساري
                                                          ترعيبة في دم أو بيضة جعلت     في دبة من دباب الليل مهيار

                                                          قال : والدبة ، بالضم : الطريق ; قال الشاعر :

                                                          [ ص: 208 ]

                                                          طها هذريان قل تغميض عينه     على دبة مثل الخنيف المرعبل

                                                          والدبوب : السمين من كل شيء .

                                                          والدبب : الزغب على الوجه ; وأنشد :


                                                          قشر النساء دبب العروس

                                                          وقيل : الدبب الشعر على وجه المرأة ; وقال غيره : ودبب الوجه زغبه .

                                                          والدبب والدببان : كثرة الشعر والوبر . رجل أدب ، وامرأة دباء ودببة : كثيرة الشعر في جبينها ; وبعير أدب أزب .

                                                          فأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث لنسائه : ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، تخرج فتنبحها كلاب الحوأب ؟ فإنما أراد الأدب ، فأظهر التضعيف ، وأراد الأدب ، وهو الكثير الوبر ; وقيل : الكثير وبر الوجه ، ليوازن به الحوأب . قال ابن الأعرابي : جمل أدب : كثير الدبب ; وقد دب يدب دببا .

                                                          وقيل : الدبب الزغب ، وهو أيضا الدبة ، على مثال حبة ، والجمع دب ، مثل حب ، حكاه كراع ، ولم يقل : الدبة الزغبة ، بالهاء .

                                                          ويقال للضبع : دباب ، يريدون دبي ، كما يقال نزال وحذار .

                                                          ودب : اسم في بني شيبان ، وهو دب بن مرة بن ذهل بن شيبان ، وهم قوم درم الذي يضرب به المثل ، فيقال : أودى درم .

                                                          وقد سمي وبرة بن حيدان أبو كلب بن وبرة دبا .

                                                          ودبوب : موضع . قال ساعدة بن جؤية الهذلي :


                                                          وما ضرب بيضاء يسقي دبوبها     دفاق فعروان الكراث ، فضيمها

                                                          ودباب : أرض .

                                                          قال الأزهري : وبالخلصاء رمل يقال له الدباب ، وبحذائه دحلان كثيرة ; ومنه قول الشاعر :


                                                          كأن هندا ثناياها وبهجتها     لما التقينا لدى أدحال دباب
                                                          مولية أنف ، جاد الربيع بها     على أبارق ، قد همت بإعشاب

                                                          التهذيب ، ابن الأعرابي : الديدبون اللهو .

                                                          والديدبان : الطليعة وهو الشيفة . قال أبو منصور : أصله ديدبان فغيروا الحركة ، وقالوا : ديدبان ، لما أعرب .

                                                          وفي الحديث : لا يدخل الجنة ديبوب ، ولا قلاع ; الديبوب : هو الذي يدب بين الرجال والنساء للجمع بينهم ، وقيل : هو النمام ، لقولهم فيه : إنه لتدب عقاربه ; والياء فيه زائدة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية