الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5176 (باب أكل الجراد)

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان جواز أكل الجراد، الواحدة جرادة، الذكر والأنثى فيه سواء كالحمامة، قيل: إنه مشتق من الجرد لأنه لا ينزل على شيء إلا جرده، والجراد يلحس التراب وكل شيء يمر عليه، ونقل عن الأصمعي أنه إذا خرج من بيضه فهو دباب والواحدة دباة، قال: ولعابه سم على الأشجار لا يقع على شيء إلا أحرقه، وقال: الذكر من الجراد هو العنظب أو الحنطب، زاد الكسائي: والعنطوب، وقال أبو المعالي: الجندب ضرب منه، وقال أبو حاتم: وأبو جحادب شيخ الجنادب وسيدها، وقال ابن خالويه: ليس في كلام العرب للجراد اسم أغرب من العصفود، وللجراد نيف وستون اسما فذكرها، وصفة الجراد عجيبة فيها صفة عشرة من الحيوانات، وذكر بعضها ابن الشهرزوري في قوله:


                                                                                                                                                                                  لها فخذا بكر وساقا نعامة وقادمتا نسر وجوجوء ضيغم حبتها أفاعي الرمل بطنا وأنعمت
                                                                                                                                                                                  عليها جياد الخيل بالرأس والفم



                                                                                                                                                                                  قيل: وفاته عين الفيل، وعنق الثور، وقرن الإبل، وذنب الحية، واختلف في أصله فقيل: نثرة حوت، ورد في حديث ضعيف أخرجه ابن ماجه عن أنس رفعه: أن الجراد نثرة حوت من البحر، وقيل: إنه بري، وقيل: هو صنفان أحدهما يطير في الهواء يقال له الفارس والآخر ينزو نزوا يقال له الراجل، وله ستة أرجل، إذا كان أيام الربيع وأراد أن يبيض التمس الأرض الصلبة والصخرة الصلدة التي لا تعمل فيها المعاول فيضربه بيده فينفرج فيلقي فيها بيضه ويلقي كل واحد مائة بيضة ويطير ويتركها، فإذا أتى أيام الربيع واعتدل الزمان وينشق ذلك البيض فيظهر مثل الذر الصغار فيسيح على وجه الأرض ويأكل زرعها حتى يقوى فينهض إلى أرض أخرى ويبيض كما فعل في العام الأول، وآفتها الطير والبرد، وأجمع العلماء على جواز أكله بغير تذكية إلا أن المشهور عند المالكية اشتراط تذكيته، واختلفوا في صفتها فقيل: يقطع رأسه، وقال ابن وهب: أخذه ذكاته، وعن مالك إذا أخذه حيا ثم قطع رأسه أو شواه أو قلاه فلا بأس بأكله، وما أخذه حيا فغفل عنه حتى مات لا يؤكل، وذكر الطحاوي في (كتاب الصيد) أن أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه قيل له: أرأيت الجراد هو عندك بمنزلة السمك من أصاب منه شيئا أكله سمى أو لم يسم؟ قال: نعم. قلت: وأينما وجدت الجراد آكله؟ قال: نعم، قلت: وإن وجدته ميتا على الأرض؟ قال: نعم، قلت: وإن أصابه مطر فقتله؟ قال: نعم، لا يحرم الجراد شيء على حال.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية