الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الحائض تتناول الشيء من المسجد

                                                                                                          134 حدثنا قتيبة حدثنا عبيدة بن حميد عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد قال قالت لي عائشة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ناوليني الخمرة من المسجد قالت قلت إني حائض قال إن حيضتك ليست في يدك قال وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة قال أبو عيسى حديث عائشة حديث حسن صحيح وهو قول عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك بأن لا بأس أن تتناول الحائض شيئا من المسجد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في الحائض تتناول الشيء من المسجد ) أي تأخذه منه .

                                                                                                          قوله : ( نا عبيدة بن حميد ) بفتح العين وحميد بالتصغير هو المعروف بالحذاء التيمي أو الليثي أو الضبي . صدوق نحوي ربما أخطأ . قال الحافظ وقال الخزرجي : قال ابن سعد : ثقة صاحب نحو وعربية ، مات سنة 190 تسعين ومائة .

                                                                                                          ( عن ثابت بن عبيد ) بالتصغير الأنصاري الكوفي مولى يزيد بن ثابت ، ثقة وثقه أحمد وابن معين .

                                                                                                          قوله : ( ناوليني ) أي أعطيني ( الخمرة ) بضم الخاء المعجمة وإسكان الميم . قال الخطابي هي السجادة التي يسجد عليها المصلي ، ويقال سميت بهذا لأنها تخمر وجه المصلي عن الأرض ، أي تستره وصرح جماعة بأنها لا تكون إلا قدر ما يضع الرجل حر وجهه في سجوده ، وقد جاء في سنن أبي داود عن ابن عباس قال : جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها فأحرقت منها موضع درهم ، فهذا تصريح بإطلاق الخمرة [ ص: 354 ] على ما زاد على قدر الوجه ، انتهى .

                                                                                                          ( إن حيضتك ليست في يدك ) يعني أن يدك ليست بنجسة لأنها لا حيض فيها . قال النووي : بفتح الحاء هذا هو المشهور في الرواية وهو الصحيح ، وقال الخطابي : المحدثون يقولونها بفتح الحاء وهو خطأ وصوابها بالكسر ، أي الحالة والهيئة ، وأنكر القاضي عياض هذا على الخطابي وقال : الصواب هاهنا ما قاله المحدثون من الفتح ؛ لأن المراد الدم وهو الحيض بالفتح بلا شك ، لقوله صلى الله عليه وسلم " ليست بيدك " معناه أن النجاسة التي يصان المسجد عنها وهي دم الحيض ليست بيدك ، وهذا بخلاف حديث أم سلمة " فأخذت ثياب حيضتي " فإن الصواب فيه الكسر هذا كلام القاضي وهذا الذي اختاره من الفتح هو الظاهر هاهنا . ولما قاله الخطابي وجه . قال في شرح السنة : في الحديث دليل على أن للحائض أن تتناول شيئا من المسجد وأن من حلف أن لا يدخل دارا أو مسجدا فإنه لا يحنث بإدخال بعض جسده فيه ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة ) أما حديث ابن عمر فأخرجه أحمد عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ناوليني الخمرة من المسجد فقالت : إني قد أحدثت ، فقال أوحيضتك في يدك قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح .

                                                                                                          وأما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي بلفظ : قال أبو هريرة بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال : يا عائشة ناوليني الثوب ، فقالت : إني لا أصلي ، قال : إنه ليس في يدك ، فناولته . وفي الباب أيضا عن أنس وأبي بكرة ذكر حديثهما الهيثمي في مجمع الزوائد .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك بأن لا بأس أن تتناول الحائض شيئا من المسجد ) أي بمد يدها من غير دخول فيه .




                                                                                                          الخدمات العلمية