الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل ) الخيار إن لم يسبق العلم أو لم يرض أو يتلذذ [ ص: 380 ] وحلف على نفيه : ببرص ، [ ص: 381 ] وعذيطة وجذام

التالي السابق


( فصل ) في بيان أسباب الخيار وأحكامه

( الخيار ) في إبقاء عقد النكاح وفسخه لأحد الزوجين أو لهما معا ( إن لم يسبق العلم ) بسببه عقد النكاح ( أو لم يرض ) مريد الرد بالعيب بعد علمه به بعد العقد صريحا ولا التزاما ( أو ) لم ( يتلذذ ) مريد الرد بصاحبه بعد علمه به كذلك ، فشرط الخيار انتفاء الأمور الثلاثة سبق العلم العقد والرضا والتلذذ بعده ، فإن وجد أحدها فلا خيار لدلالته على الرضا .

ابن الحاجب الخيار ما لم يرض بقول أو تلذذ أو تمكين أو سبق علم بالعيب . ا هـ . فبقي على المصنف التمكين وهو في المدونة أيضا ، ولا يغني عنه التلذذ بل الأمر بالعكس ، والتحقيق ما سلكه ابن الحاجب من أن مسقط الخيار وهو الرضا ، وما عداه إنما هي دلائل عليه والمصنف جعله قسيما لها ، وأورد أن عطف المصنف يفيد ثبوت الخيار عند انتفاء واحد من الثلاثة ووجود غيره ، وليس كذلك ، وأجيب بأن أو بمعنى الواو وبأن أو بعد النفي أو النهي للأحد المبهم الدائر ، وهو لا ينتفي إلا بانتفاء الجميع كما في قوله تعالى { ولا تطع منهم آثما أو كفورا } ، وقوله صلى الله عليه وسلم { المتبايعان بالخيار ما لم [ ص: 380 ] يتفرقا ، أو يقل أحدهما للآخر اختر } ، واستثني من مفهوم إن لم يسبق العلم سبق علم الزوجة بالاعتراض وتمكينه من نفسها راجية برأه فلم يحصل فلها الخيار ذكره أبو الحسن في شرحه المدونة ، ويدل عليه ما يأتي ففي مفهومه تفصيل بدليل ما يأتي .

( و ) إذا أراد أحدهما أو كلاهما الرد فادعى المردود مسقطا للخيار من سبق علم أو رضا أو تلذذ أو تمكين وأنكره الراد ولا بينة للمدعي ( حلف ) الراد ( على نفيه ) أي مسقط الخيار ، وثبت له الخيار وإن نكل حلف المدعي وسقط الخيار ، فإن نكل أيضا ثبت الخيار إذ القاعدة أن النكول بعد النكول تصديق للناكل الأول ، وهذا إذا لم يكن العيب ظاهرا وادعى علمه به بعد البناء ابن عرفة . المتيطي عن بعض الموثقين إن قالت بعد البناء بكشهر على عيبي حين البناء وأكذبها صدقت بيمينها إلا أن يكون العيب خفيا كبرص بباطن جسدها ونحوه ، فيصدق بيمينه ويثبت الخيار لكل منهما ( ببرص ) بفتح الموحدة والراء أبيض أو أسود ، وهذا أردأ لأنه مقدمة للجذام ، ويشبهه في اللون البهق ولا يوجب الخيار إلا بشرط السلامة منه .

والفرق بينهما أن الثابت على البرص شعر أبيض وعلى البهق شعر أسود وأن البرص إذا نخس بإبرة خرج منه ماء ، والخارج من البهق دم ، وعلامة الأسود التقشير والتفليس والمتزايد منه يسمى الطيار ، ولا فرق في المرأة بين كثيره ويسيره ، وفي يسير الرجل قولان ، وهذا في برص قبل العقد . وأما الحادث بعده فلا رد بيسيره اتفاقا ، وفي كثيره خلاف ، ولذا أطلقه هنا .

وقيد الحادث بعده بالمضر ، والجذام المحقق يرد به وإن قل قبل العقد أو بعده ، فتقييد الجذام الحادث بعده باليمين فيه بحث . وحاصل العيوب فيهما ثلاثة عشر ، أربعة مشتركة وهي الجذام والبرص والجنون والعذيطة ، وأربعة خاصة بالرجل وهي الخصاء والجب والعنة والاعتراض ، وخمسة خاصة بالمرأة وهي القرن والرتق والعفل والإفضاء والبخر ، والمشترك لا يضاف ، والمختص بأحدهما يضاف لضميره . [ ص: 381 ]

الرجراجي إن كانا معيبين فلكل منهما الخيار في صاحبه اتحد جنس العيبين أو اختلف ، وفي التوضيح والشامل عن غير واحد إن اتحد جنسهما ففيه نظر . ابن عرفة الأظهر أن لكل منهما مقالا كمتبايعي عرضين ظهر لكل عيب في عرض صاحبه اللخمي إن اطلع كل من الزوجين على عيب بصاحبه مخالف لعيبه فلكل منهما القيام ، وإن كانا من جنس واحد فله القيام دونها لبذله صداق سالمة فوجد من صداقه دونه .

( وعذيطة ) الملائم لعطفه على برص أنه بفتح العين المهملة دون الواو مصدر عذيط إذا أحدث حدث الغائط عند الجماع . ابن عرفة اللخمي ترد بكونها عذيوطة أي تحدث عند الجماع ، ومثله في التوضيح والقاموس وغيرهما ، وهذا شامل للبول ، وهو أولى من العفل ، ولا رد بالريح قولا واحدا . الجزولي وفي الرد بالبول في النوم قولان . الحط رد بكثرة القيام للبول إلا بشرط السلامة منه .

( وجذام ) محقق ولو قل قبل العقد أو بعده . ابن عرفة المتيطي يعرف الجذام والبرص بالرؤية إلا الذي بالعور فلا يرى وعن بعض الموثقين يرى الرجال ما بعورته والنساء ما بعورتها ، وبه أفتى ابن علوان فيمن ادعت امرأته أن بحلقة دبره برصا




الخدمات العلمية