الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دخل ]

                                                          دخل : الدخول : نقيض الخروج ، دخل يدخل دخولا وتدخل ودخل به ; وقوله :


                                                          ترى مراد نسعه المدخل بين رحى الحيزوم والمرحل     مثل الزحاليف بنعف التل

                                                          [ ص: 229 ] إنما أراد المدخل والمرحل فشدد للوقف ، ثم احتاج فأجرى الوصل مجرى الوقف .

                                                          وادخل ، على افتعل : مثل دخل ; وقد جاء في الشعر اندخل وليس بالفصيح ; قال الكميت :


                                                          لا خطوتي تتعاطى غير موضعها     ولا يدي في حميت السكن تندخل

                                                          وتدخل الشيء أي دخل قليلا قليلا ، وقد تداخلني منه شيء .

                                                          ويقال : دخلت البيت والصحيح فيه أن تريد دخلت إلى البيت وحذفت حرف الجر فانتصب انتصاب المفعول به ، لأن الأمكنة على ضربين : مبهم ومحدود ، فالمبهم نحو جهات الجسم الست : خلف وقدام ويمين وشمال وفوق وتحت ، وما جرى مجرى ذلك من أسماء الجهات نحو أمام ووراء وأعلى وأسفل وعند ولدن ووسط بمعنى بين وقبالة ، فهذا وما أشبهه من الأمكنة يكون ظرفا لأنه غير محدود ، ألا ترى أن خلفك قد يكون قداما لغيرك ؟ فأما المحدود الذي له خلقة وشخص وأقطار تحوزه نحو الجبل والوادي والسوق والمسجد والدار فلا يكون ظرفا لأنك لا تقول قعدت الدار ، ولا صليت المسجد ، ولا نمت الجبل ، ولا قمت الوادي ، وما جاء من ذلك فإنما هو بحذف حرف الجر نحو دخلت البيت وصعدت الجبل ونزلت الوادي .

                                                          والمدخل ، بالفتح : الدخول وموضع الدخول أيضا ، تقول دخلت مدخلا حسنا ودخلت مدخل صدق .

                                                          والمدخل ، بضم الميم : الإدخال والمفعول من أدخله ، تقول أدخلته مدخل صدق .

                                                          والمدخل : شبه الغار يدخل فيه ، وهو مفتعل من الدخول . قال شمر : ويقال فلان حسن المدخل والمخرج أي حسن الطريقة محمودها ، وكذلك هو حسن المذهب .

                                                          وفي حديث الحسن قال : كان يقال إن من النفاق اختلاف المدخل والمخرج واختلاف السر والعلانية ; قال : أراد باختلاف المدخل والمخرج سوء الطريقة وسوء السيرة .

                                                          وداخلة الإزار : طرفه الداخل الذي يلي جسده ويلي الجانب الأيمن من الرجل إذا ائتزر ، لأن المؤتزر إنما يبدأ بجانبه الأيمن فذلك الطرف يباشر جسده وهو الذي يغسل .

                                                          وفي حديث الزهري في العائن : ويغسل داخلة إزاره ; قال ابن الأثير : أراد يغسل الإزار ، وقيل : أراد يغسل العائن موضع داخلة إزاره من جسده لا إزاره ، وقيل : داخلة الإزار الورك ، وقيل : أراد به مذاكيره فكنى بالداخلة عنها كما كني عن الفرج بالسراويل .

                                                          وفي الحديث : إذا أراد أحدكم أن يضطجع على فراشه فلينزع داخلة إزاره ولينفض بها فراشه فإنه لا يدري ما خلفه عليه .

                                                          أراد بها طرف إزاره الذي يلي جسده ; قال ابن الأثير : داخلة الإزار طرفه وحاشيته من داخل ، وإنما أمره بداخلته دون خارجته ، لأن المؤتزر يأخذ إزاره بيمينه وشماله فيلزق ما بشماله على جسده وهي داخلة إزاره ، ثم يضع ما بيمينه فوق داخلته ، فمتى عاجله أمر وخشي سقوط إزاره أمسكه بشماله ودفع عن نفسه بيمينه ، فإذا صار إلى فراشه فحل إزاره فإنما يحل بيمينه خارجة الإزار ، وتبقى الداخلة معلقة ، وبها يقع النفض لأنها غير مشغولة باليد .

                                                          وداخل كل شيء : باطنه الداخل ; قال سيبويه : وهو من الظروف التي لا تستعمل إلا بالحرف يعني أنه لا يكون إلا اسما لأنه مختص كاليد والرجل .

                                                          وأما داخلة الأرض فخمرها وغامضها . يقال : ما في أرضهم داخلة من خمر ، وجمعها الدواخل ; وقال ابن الرقاع :


                                                          فرمى به أدبارهن غلامنا     لما استتب بها ولم يتدخل

                                                          يقول : لم يدخل الخمر فيختل الصيد ولكنه جاهرها كما قال :


                                                          متى نره فإننا لا نخاتله

                                                          وداخلة الرجل : باطن أمره ، وكذلك الدخلة ، بالضم .

                                                          ويقال : هو عالم بدخلته .

                                                          ابن سيده : ودخلة الرجل ودخلته ودخيلته ودخيله ودخلله ودخلله ودخيلاؤه نيته ومذهبه وخلده وبطانته ، لأن ذلك كله يداخله .

                                                          وقال اللحياني : عرفت داخلته ودخلته ودخلته ودخلته ودخيله ودخيلته أي باطنته الداخلة ، وقد يضاف كل ذلك إلى الأمر كقولك دخلة أمره ودخلة أمره ، ومعنى كل ذلك عرفت جميع أمره .

                                                          التهذيب : والدخلة بطانة الأمر ، تقول : إنه لعفيف الدخلة وإنه لخبيث الدخلة أي باطن أمره .

                                                          ودخيل الرجل : الذي يداخله في أموره كلها ، فهو له دخيل ودخلل . ابن السكيت : فلان دخلل فلان ودخلله إذا كان بطانته وصاحب سره ، وفي الصحاح : دخيل الرجل ودخلله الذي يداخله في أموره ويختص به .

                                                          والدوخلة : البطنة .

                                                          والدخيل والدخلل والدخلل ، كله : المداخل المباطن .

                                                          وقال اللحياني : بينهما دخلل ودخلل أي خاص يداخلهم ; قال ابن سيده : ولا أعرف هذا .

                                                          وداخل الحب ودخلله ، بفتح اللام : صفاء داخله .

                                                          ودخلة أمره ودخيلته وداخلته : بطانته الداخلة .

                                                          ويقال : إنه عالم بدخلة أمره وبدخيل أمرهم .

                                                          وقال أبو عبيدة : بينهم دخلل ودخلل أي دخل ، وهو من الأضداد ; وقال امرؤ القيس :


                                                          ضيعه الدخللون إذ غدروا

                                                          قال : والدخللون الخاصة هاهنا .

                                                          وإذا ائتكل الطعام سمي مدخولا ومسروفا .

                                                          والدخل : ما داخل الإنسان من فساد في عقل أو جسم ، وقد دخل دخلا ودخل دخلا ، فهو مدخول أي في عقله دخل .

                                                          وفي حديث قتادة بن النعمان : وكنت أرى إسلامه مدخولا ; الدخل ، بالتحريك : العيب والغش والفساد ، يعني أن إيمانه كان فيه نفاق .

                                                          وفي حديث أبي هريرة : إذا بلغ بنو العاص ثلاثين كان دين الله دخلا ; قال ابن الأثير : وحقيقته أن يدخلوا في دين الله أمورا لم تجر بها السنة .

                                                          وداء دخيل : داخل ، وكذلك حب دخيل ; انشد ثعلب :


                                                          فتشفى حزازات وتقنع أنفس     ويشفى هوى بين الضلوع دخيل

                                                          ودخل أمره دخلا : فسد داخله ; وقوله :


                                                          غيبي له وشهادتي أبدا     كالشمس لا دخن ولا دخل

                                                          يجوز أن يريد ولا دخل أي ولا فاسد فخفف لأن الضرب من هذه القصيدة فعلن بسكون العين ، ويجوز أن يريد ولا ذو دخل ، فأقام المضاف إليه مقام المضاف .

                                                          ونخلة مدخولة أي عفنة الجوف . [ ص: 230 ] والدخل : العيب والريبة ; ومن كلامهم :


                                                          ترى الفتيان كالنخل     وما يدريك بالدخل

                                                          وكذلك الدخل ، بالتحريك ; قال ابن بري : أي ترى أجساما تامة حسنة ولا تدري ما باطنهم .

                                                          ويقال : هذا الأمر فيه دخل ودغل بمعنى .

                                                          وقوله تعالى : تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة ; قال الفراء : يعني دغلا وخديعة ومكرا ، قال : ومعناه لا تغدروا بقوم لقلتهم وكثرتكم أو كثرتهم وقلتكم وقد غررتموهم بالأيمان فسكنوا إليها ; وقال الزجاج : تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أي غشا بينكم وغلا ، قال : ودخلا منصوب لأنه مفعول له ; وكل ما دخله عيب ، فهو مدخول وفيه دخل ; وقال القتيبي : أن تكون أمة هي أربى من أمة ; أي لأن تكون أمة هي أغنى من قوم وأشرف من قوم تقتطعون بأيمانكم حقوقا لهؤلاء فتجعلونها لهؤلاء .

                                                          والدخل والدخل : العيب الداخل في الحسب .

                                                          والمدخول : المهزول والداخل في جوفه الهزال ، بعير مدخول وفيه دخل بين من الهزال ، ورجل مدخول إذا كان في عقله دخل أو في حسبه ، ورجل مدخول الحسب وفلان دخيل في بني فلان إذا كان من غيرهم فتدخل فيهم ، والأنثى دخيل .

                                                          وكلمة دخيل : أدخلت في كلام العرب وليست منه ، استعملها ابن دريد كثيرا في الجمهرة ; والدخيل : الحرف الذي بين حرف الروي وألف التأسيس كالصاد من قوله :


                                                          كليني لهم يا أميمة ناصب

                                                          سمي بذلك لأنه كأنه دخيل في القافية ، ألا تراه يجيء مختلفا بعد الحرف الذي لا يجوز اختلافه أعني ألف التأسيس ؟ والمدخل : الدعي لأنه أدخل في القوم ; قال :


                                                          فلئن كفرت بلاءهم وجحدتهم     وجهلت منهم نعمة لم تجهل
                                                          لكذاك يلقى من تكثر ظالما     بالمدخلين من اللئيم المدخل

                                                          والدخل : خلاف الخرج .

                                                          وهم في بني فلان دخل إذا انتسبوا معهم في نسبهم وليس أصلهم منهم ; قال ابن سيده : وأرى الدخل هاهنا اسما للجمع كالروح والخول .

                                                          والدخيل : الضيف لدخوله على المضيف .

                                                          وفي حديث معاذ وذكر الحور العين : لا تؤذيه فإنما هو دخيل عندك ; الدخيل : الضيف والنزيل ; ومنه حديث عدي : وكان لنا جارا أو دخيلا .

                                                          والدخل : ما دخل على الإنسان من ضيعته خلاف الخرج .

                                                          ورجل متداخل ودخل ، كلاهما غليظ ، دخل بعضه في بعض .

                                                          وناقة متداخلة الخلق إذا تلاحكت واكتنزت واشتد أسرها .

                                                          ودخل اللحم : ما عاذ بالعظم وهو أطيب اللحم .

                                                          والدخل من اللحم : ما دخل العصب من الخصائل .

                                                          والدخل : ما دخل من الكلإ في أصول أغصان الشجر ومنعه التفافه عن أن يرعى وهو العوذ ; قال الشاعر :


                                                          تباشير أحوى دخل وجميم

                                                          والدخل من الريش : ما دخل بين الظهران والبطنان ; حكاه أبو حنيفة قال : وهو أجوده لأنه لا تصيبه الشمس ولا الأرض ; قال الشاعر :


                                                          ركب حول فوقه المؤلل     جوانح سوين غير ميل
                                                          من مستطيلات الجناح الدخل

                                                          والدخل : طائر صغير أغبر يسقط على رؤوس الشجر والنخل فيدخل بينها ، واحدتها دخلة ، والجمع الدخاخيل ، ثبتت فيه الياء على غير القياس .

                                                          والدخل والدخلل والدخلل : طائر متدخل أصغر من العصفور يكون بالحجاز ; الأخيرة عن كراع .

                                                          وفي التهذيب : الدخل صغار الطير أمثال العصافير يأوي الغيران والشجر الملتف ، وقيل : للعصفور الصغير دخل لأنه يعوذ بكل ثقب ضيق من الجوارح ، والجمع الدخاخيل .

                                                          وقوله في الحديث : دخلت العمرة في الحج ; قال ابن الأثير : معناه سقط فرضها بوجوب الحج ودخلت فيه ، قال : هذا تأويل من لم يرها واجبة ، فأما من أوجبها فقال : إن معناه أن عمل العمرة قد دخل في عمل الحج ، فلا يرى على القارن أكثر من إحرام واحد وطواف وسعي ، وقيل : معناه أنها دخلت في وقت الحج وشهوره لأنهم كانوا لا يعتمرون في أشهر الحج فأبطل الإسلام ذلك وأجازه .

                                                          وقول عمر في حديثه : من دخلة الرحم ; يريد الخاصة والقرابة ، وتضم الدال وتكسر . ابن الأعرابي : الداخل والدخال والدخلل كله دخال الأذن ، وهو الهرنصان .

                                                          والدخال في الورد : أن يشرب البعير ثم يرد من العطن إلى الحوض ويدخل بين بعيرين عطشانين ليشرب منه ما عساه لم يكن شرب ; ومنه قول أمية بن أبي عائذ :


                                                          وتلقي البلاعيم في برده     وتوفي الدفوف بشرب دخال

                                                          قال الأصمعي : إذا وردت الإبل أرسالا فشرب منها رسل ثم ورد رسل آخر الحوض فأدخل بعير قد شرب بين بعيرين لم يشربا فذلك الدخال ، وإنما يفعل ذلك في قلة الماء ; وأنشد غيره بيت لبيد :


                                                          فأوردها العراك ولم يذدها     ولم يشفق على نغص الدخال

                                                          وقال الليث : الدخال في ورد الإبل إذا سقيت قطيعا قطيعا حتى إذا ما شربت جميعا حملت على الحوض ثانية لتستوفي شربها ، فذلك الدخال . قال أبو منصور : والدخال ما وصفه الأصمعي لا ما قاله الليث .

                                                          ابن سيده : الدخال أن تدخل بعيرا قد شرب بين بعيرين لم يشربا ; قال كعب بن زهير :


                                                          ويشربن من بارد قد علمن     بأن لا دخال وأن لا عطونا

                                                          وقيل : هو أن تحملها على الحوض بمرة عراكا .

                                                          وتداخل المفاصل ودخالها : دخول بعضها في بعض . الليث : الدخال مداخلة المفاصل بعضها في بعض ; وأنشد :


                                                          وطرفة شدت دخالا مدمجا

                                                          وتداخل الأمور : تشابهها والتباسها ودخول بعضها في بعض .

                                                          والدخلة في اللون : تخليط ألوان في لون ; وقول الراعي :

                                                          [ ص: 231 ]

                                                          كأن مناط العقد حيث عقدنه     لبان دخيلي أسيل المقلد

                                                          قال : الدخيلي الظبي الربيب يعلق في عنقه الودع فشبه الودع في الرحل بالودع في عنق الظبي ، يقول : جعلن الودع في مقدم الرحل ، قال : والظبي الدخيلي والأهيلي والربيب واحد ; ذكر ذلك كله عن ابن الأعرابي .

                                                          وقال أبو نصر : الدخيلي في بيت الراعي الفرس يخص بالعلف ; قال : وأما قوله :


                                                          همان باتا جنبة ودخيلا

                                                          فإن ابن الأعرابي قال : أراد هما داخل القلب وآخر قريبا من ذلك كالضيف إذا حل بالقوم فأدخلوه فهو دخيل ، وإن حل بفنائهم فهو جنبة ; وأنشد :


                                                          ولوا ظهورهم الأسنة بعدما     كان الزبير مجاورا ودخيلا

                                                          والدخال والدخال : ذوائب الفرس لتداخلها .

                                                          والدوخلة ، مشددة اللام : سفيفة من خوص يوضع فيها التمر والرطب وهي الدوخلة ، بالتخفيف ; عن كراع .

                                                          وفي حديث صلة بن أشيم : فإذا سب فيه دوخلة رطب فأكلت منها ; هي سفيفة من خوص كالزنبيل والقوصرة يترك فيها الرطب ، والواو زائدة .

                                                          والدخول : موضع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية