الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              37- سعيد بن عامر

              ومنهم سعيد بن عامر بن جذيم الجمحي ، زهد في الدنيا الفتانة السحارة ، ونظر إلى طلابها بعين الحقارة ، وسلك منهج السابقين بالحث والنذارة ، ورغب عن الدنيا مع تقلد الولايات وقيامه فيها برعايته العهود والأمانات .

              وقد قيل : إن التصوف مصابرة المنون دون تحقيق الظنون .

              حدثنا محمد بن معمر ، ثنا أبو شعيب الحراني ، ثنا يحيى بن عبد الله الحراني ، ثنا الأوزاعي ، حدثني حسان بن عطية ، قال : لما عزل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه معاوية عن الشام ، بعث سعيد بن عامر بن جذيم الجمحي قال : فخرج معه بجارية من قريش نضيرة الوجه ، فما لبث إلا يسيرا حتى أصابته حاجة شديدة ، قال : فبلغ ذلك عمر فبعث إليه بألف دينار ، قال : فدخل بها على امرأته فقال : إن عمر بعث إلينا بما ترين ، فقالت : لو أنك اشتريت لنا أدما وطعاما وادخرت سائرها ، فقال لها : أولا أدلك على أفضل من ذلك ؟ نعطي هذا المال من يتجر لنا فيه فنأكل من ربحها وضمانها عليه ، قالت : فنعم إذا ، فاشترى أدما [ ص: 245 ] وطعاما واشترى بعيرين وغلامين يمتاران عليهما حوائجهم وفرقها في المساكين وأهل الحاجة ، قال : فما لبث إلا يسيرا حتى قالت له امرأته : إنه نفذ كذا وكذا ، فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه ، قال : فسكت عنها ، قال : ثم عاودته ، قال : فسكت عنها حتى آذته ، ولم يكن يدخل بيته إلا من ليل إلى ليل ، قال : وكان رجل من أهل بيته ممن يدخل بدخوله . فقال لها : ما تصنعين ؟ إنك قد آذيتيه وإنه قد تصدق بذلك المال ، قال : فبكت أسفا على ذلك المال ثم إنه دخل عليها يوما ، فقال : على رسلك ، إنه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ما أحب أني صددت عنهم وأن لي الدنيا وما فيها ، ولو أن خيرة من خيرات الحسان اطلعت من السماء لأضاءت لأهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ، ولنصيف تكسى خير من الدنيا وما فيها ، فلأنت أحرى في نفسي أن أدعك لهن من أن أدعهن لك ، قال : فسمحت ورضيت .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية