الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قال الرازي: (وثانيها أنا نرى أن كل من فعل فعلا فلا بد له من آلة وأداة؛ وأن الأفعال الشاقة تكون سببا للكلال والمشقة لذلك الفاعل، [ثم ] إنا نعتقد أنه سبحانه وتعالى يدبر من العرش إلى ما تحت الثرى، مع أنه منزه عن المشقة واللغوب والكلال ).

يقال له: لا ريب أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما [البقرة: 255 ] أي لا يكرثه، ولا يثقل عليه، وقال في كتابه: ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب [ق: 38 ] وقد ذكر أنها نزلت لما قال من قال من اليهود: إن الله خلق السموات والأرض ثم استراح يوم السبت، فأخبر الله أنه ما مسه من لغوب. واللغوب: الإعياء، وإنما يستريح من [ ص: 308 ] [ ص: 309 ] أعيا، ومنه قول أبي قتادة في حمار الوحش: "فسعى القوم حتى لغبوا" وقال أهل الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن [ ص: 310 ] إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب [فاطر: 34، 35 ] وهذا مما لا يتنازع فيه المسلمون.

وإذا كان كذلك فالكلام على ما ذكرته من وجوه: أحدها: أن هذا بيان أن قدرة الله تعالى كاملة تامة لا نقص فيها ليست مثل قدرة العباد، كما ذكرنا في العلم، وهذا حق؛ ولم يقل أحد إن هذا مخالف لا للمحسوس ولا للمعقول، وإنما هو مخالف لمقدار صفاتنا.

التالي السابق


الخدمات العلمية