الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم "ولا يزال "؛ معناها: استمر؛ وكأنه كان يتوقع بتوالي الأدلة؛ وتضافر الإثبات أن يزول ريبهم؛ ولكنه لم يزل؛ بل استمر؛ والمرية: الشك؛ والضمير في [ ص: 5009 ] "منه "؛ يعود على القرآن؛ فبينما الذين أوتوا العلم وهبوا اليقين أنه الحق من ربهم وخالقهم وذارئهم؛ ولا يمكن أن يكون إلا حقا لتوالي التحدي وتوالي العجز؛ ولا يزال الذين كفروا في مرية منه وإنهم مستمرون على هذا الشك؛ "حتى تأتيهم الساعة بغتة "؛ أي: القيامة؛ وينتهي الكون؛ وهم في ضلالهم القديم؛ أو يأتيهم عذاب يوم عقيم في هذا اليوم الذي وصفه الله (تعالى) بالعقيم؛ وأنه لا خير فيه؛ ولا ثمرة تنتج منه؛ ويحتمل أن يكون يوم القيامة؛ ويكون عقمه في أن كل يوم له يوم يعقبه؛ وكأنه عقبه الذي أنجبه؛ أما يوم القيامة فليس له تال يكون كالعقب له؛ والسياق يجافي ذلك; لأن الساعة يوم القيامة؛ و "أو "؛ تقتضي أن يكون اليوم العقيم غيره؛ ويحتمل أن يكون يوما كيوم "بدر "؛ ووصف بأنه عقيم; لأن فيه قطعت أرحام؛ قطعها المشركون؛ وفيه حرمت النساء من أولادهن؛ فصرن كأنهن لم يلدنهم؛ ولأن يوم بدر وأشباهه؛ يوم حرب؛ ويوصف رجاله ومقاتلوه بأنهم أبناء الحرب؛ والحرب لا تنتج؛ فهي عقيم؛ ثم هو لا خير فيه للمشركين؛ فهو يوم عقيم؛ ويقال - كما في القرآن الكريم -: الريح العقيم ؛ أي: لا مطر فيها ولا خير.

                                                          هذا؛ وإن الكافرين يستمرون في مريتهم؛ والشك حيرة واضطراب؛ حتى تأتيهم الساعة أو يأتيهم يوم يقاتلون فيه؛ ولا خير فيه يعود عليهم؛ بل شر مستطير؛ فهو يوم عقيم؛ والله يهدي من يشاء بإذنه.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية