الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ؛ الفاء تفيد ترتيب ما بعدها على ما قبلها؛ أي: إذا كان الحلال في هذه الدائرة فغيره عدوان على الأسر؛ وعلى المجتمع؛ وعلى النفس؛ فيترتب على التحريم السابق [ ص: 5048 ] منع ابتغاء المحرمات؛ و " الابتغاء " ؛ هو الطلب الشديد؛ الذي يؤدي إلى العدوان; لأن الابتغاء " افتعال " ؛ من " البغي " ؛ و " البغي " ؛ في ذاته في معنى التعدي؛ وأولئك الذين تنحرف طبائعهم؛ فلا يقفون عند الانحلال؛ يطلبون الشهوات بشدة تؤدي بهم إلى الانحراف عن الجادة؛ وقوله: وراء ذلك ؛ أي: سواه؛ وعبر عنه بـ " وراء " ؛ إشارة إلى أنه انحطاط في الرتبة؛ وإلى أنه وراء الإنسانية المستقيمة؛ وانحراف في القصد؛ فأولئك هم العادون ؛ الإشارة إلى هؤلاء الذين يبتغون غير الحلال؛ والإشارة إلى الموصوف بصفة فيها بيان أن هذه هي علة الحكم؛ والحكم أنهم عادون؛ أي: ظالمون؛ ومتجاوزون؛ فقد تجاوزوا حد الحلال وهو واسع؛ يجوز زواج أربع؛ والتسري بمن يشاء من الإماء؛ وهو ظالم لنفسه بارتكاب الحرام؛ وظالم لنسله؛ وظالم للمجتمع؛ والظلم مرتعه وخيم؛ ولا شك أن نكاح المتعة مما وراء ذلك; لأنه ليس زواجا؛ ولا ملك يمين؛ وبها احتجت عائشة على ابن عباس؛ وأخطأ الزمخشري ومن تبعه؛ إذ عدها زواجا؛ وما هي بزواج؛ وما سماها أحد من السلف زواجا.

                                                          الوصف الخامس: مراعاة الأمانة؛ وهكذا انتقلت الآيات من مرتبة النفس إلى التعاون الاجتماعي؛ إلى إقامة الأسرة على أساس العدل؛ والمحافظة على النسل؛

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية