الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      المستملي

                                                                                      الحافظ ، العالم ، الزاهد ، العابد ، المجاب الدعوة أبو عمرو ، [ ص: 374 ] أحمد بن المبارك ، المستملي النيسابوري ، عرف بحمكويه .

                                                                                      سمع : يزيد بن صالح الفراء ، وأحمد بن حنبل ، وقتيبة بن سعيد ، وسهل بن عثمان العسكري ، وعبيد الله القواريري ، وإسحاق بن راهويه ، وأبا مصعب ، وسريج بن يونس ، وطبقتهم ، ومن بعدهم .

                                                                                      وكتب الكثير ، وما زال يعالج هذا الفن حتى توفي .

                                                                                      حدث عنه : أبو عمرو أحمد بن نصر الخفاف ، وجعفر بن محمد بن سوار ، وأبو عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري ، وأبو حامد بن الشرقي ، وزنجويه بن محمد ، ومحمد بن صالح بن هانئ ، ومحمد بن يعقوب بن الأخرم ، وأبو الطيب بن المبارك ، ومحمد بن داود الزاهد ، وغيرهم .

                                                                                      قال الحاكم : كان مجاب الدعوة ، راهب عصره ، حدثنا محمد بن صالح ، قال : كنا عند أبي عمرو المستملي ، فسمع جلبة ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : أحمد بن عبد الله -يعني الخجستاني في عسكره- فقال : اللهم مزق بطنه . فما تم الأسبوع حتى قتل .

                                                                                      وسمعت علي بن محمد الفامي يقول : حضرت مجلس أبي عثمان الزاهد ، ودخل أبو عمرو المستملي ، وعليه أثواب رثة ، فبكى أبو عثمان ، فلما كان يوم مجلس الذكر ، قال : دخل عليه رجل من مشايخ العلم ، فاشتغل قلبي برثاثة حاله ، ولولا أني أجله لسميته . قال : فرمى الناس [ ص: 375 ] بالخواتيم والدراهم والثياب بين يديه ، فقام أبو عمرو على رءوس الناس ، وقال : أنا الذي عنى أبو عثمان ، ولولا أني كرهت أن يتهم به غيري لسكت . ثم إنه أخذ جميع ذلك ، وحمل معه ، فما بلغ باب الجامع حتى وهب جميعه للفقراء .

                                                                                      قد استملى أبو عمرو على جماعة عاشوا بعده ، وأول ما استملى كان في سنة ثمان وعشرين ومائتين .

                                                                                      قال الحاكم : وسمعت أبا بكر الصبغي يقول : كان أبو عمرو يصوم النهار ، ويحيي الليل . ثم قال الصبغي : فأخبرني غير واحد أن الليلة التي قتل فيها أحمد بن عبد الله -يعني الظالم الذي استولى على نيسابور - صلى أبو عمرو العتمة ، ثم صلى طول ليله ، وهو يدعو على أحمد بصوت عال : اللهم شق بطنه ، اللهم شق بطنه .

                                                                                      مات محدث نيسابور أبو عمرو في جمادى الآخرة ، سنة أربع وثمانين ومائتين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية