الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وهكذا قد غشيت المادة تفكيرهم؛ حتى صاروا لا يفكرون إلا عن طريقها؛ ويستبعدون بأهوائهم؛ ولا يفكرون بعقولهم؛ ويؤكدون إنكار البعث؛ فيقولون كما حكى الله (تعالى) عنهم بقوله: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ؛ فصلت هذه الجملة عما قبلها; لأنها في معنى البيان لها؛ وتوكيدها؛ وقد انتقلوا من مرتبة الإنكار؛ إلى مرتبة ادعاء النقيض وادعاء أنه لا حياة بعد هذه الحياة؛ قالوا: إن هي إلا حياتنا الدنيا ؛ فـ " إن " ؛ نافية؛ ففي الجملة نفي وإيجاب؛ وهذا يفيد القصر؛ أي: لا حياة إلا هذه الحياة الدنيا؛ والدنيا مؤنث " أدنى " ؛ أي: هذه الدنيا القريبة؛ وليست الحياة البعيدة؛ " هي " ؛ تفيد التوكيد؛ إذ مضمونها أن هذه الحياة وحدها. [ ص: 5073 ] نموت ونحيا ؛ أي: يولد من يولد؛ ويموت من يموت؛ ويحيا بالميلاد من يحيا؛ كما نرى الموتى؛ والأحياء؛ فهم يقرون بالواقع المحسوس فقط؛ ليموت من يموت؛ ولا يعود؛ ويولد من يولد فيحيا ثم يموت؛ ولا عود لمن مات؛ ولذا حكى عنهم أنهم يقولون: وما نحن بمبعوثين ؛ أكدوا النفي بالباء؛ وبنفي الوصف؛ أي: ليس من شأننا أن نبعث; لأن من مات لا يعود; ولأنه لا تحيا العظام بعد أن صارت رميما.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية