الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وبين - سبحانه - أن ذلك كان استكبارا؛ فقال: [ ص: 5093 ] مستكبرين به سامرا تهجرون مستكبرين ؛ حال من الواو في تنكصون ؛ وهي تفرقة واضحة بين حالين؛ إحداهما تململهم عند سماع الحق؛ حتى إنهم ينكصون على أعقابهم عند سماعهم؛ وحالهم وهم يجأرون ضارعين صاغرين عندما يؤخذون ببعض العذاب الذي يستحقون.

                                                          وقوله (تعالى): مستكبرين به ؛ الضمير في " به " ؛ يعود إلى القرآن؛ الذي تتلى آياته؛ مستكبرين استكبارا مصاحبا لسماعه؛ أي: متعالين على القرآن نفسه؛ أو متعالين بسببه؛ لأنهم لم يذعنوا لحقائقه؛ ويصح أن يكون متعلقا بـ " سامرا " ؛ أي: جاعلين القرآن موضع سمرهم حول الكعبة؛ تهجرون ؛ ؛ أي: يقولون الهجر من القول الفاحش؛ أي أنهم مع نكوصهم على أعقابهم عند سماع تلاوته يجعلون الطعن فيه وسب النبي - صلى الله عليه وسلم - موضع سمرهم؛ وقولهم الهجر من القول الفاحش؛ وقرئ: " يهجرون " ؛ وبضم الياء؛ وماضيها " أهجر " ؛ أي: دخل في هجر القول.

                                                          وخلاصة المعنى؛ على هذا؛ أنهم ينكصون معرضين عند سماع التلاوة؛ مستكبرين سامرا به بهجر القول؛ أي: لا سمر لهم إلا السخرية به؛ وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - ناطقين بالهجر الفاحش من القول؛ ومع ذلك يجأرون ضارعين عندما يأخذهم عذاب يفجؤهم؛ أو كارثة تكرثهم؛ وكان حقا عليهم أن يتدبروا القرآن بدل أن يعرضوا عنه؛ ويتخذوه موضوعا لسمرهم وهجرهم؛

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية