الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وقد بين - سبحانه - أن مغاضبة من يدعوهم من همزات الشياطين؛ فقال: وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ؛ يأمر الله (تعالى) نبيه بأن يلجأ إليه؛ ويعوذ به من همزات الشياطين؛ وأن يحضروه في معالجة الدعوة الخالصة لله (تعالى)؛ وتبليغ الرسالة الإلهية إلى خلقه؛ و " الهمزة " ؛ هي النخسة التي تكون من وراء؛ و " اللمزة " ؛ هي النخسة التي تكون من الأمام؛ وهمزات الشيطان هي سورة الغضب وحدته؛ ونسبت إلى الشيطان; لأنها تكون من غير الحكمة؛ وأمر الله (تعالى) نبيه بأن يستعيذ من همزات الشياطين هو أمر له بأن يدرع بالصبر؛ وألا ينساق وراء الغضب من أفعال من يدعوهم؛ بل يسايرهم ويلاينهم ما لم يكن في ذلك ضياع حق أو علو بالباطل؛ فالأمر بالدعاء بالالتجاء إلى الله؛ من همزات الشياطين؛ أمر له - عليه الصلاة والسلام - بأن يتئد؛ ويدعو [ ص: 5117 ] بالحكمة؛ كما قال (تعالى): ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن

                                                          وأعوذ بك رب أن يحضرون ؛ أي: ألجأ إليك عائذا لائذا أن يحضر الشياطين دعوتي إلى الحق؛ حتى لا أخرج عن جادة الدعوة بالتي هي أحسن؛ وإن هذا وما سبقه تحريض للنبي - صلى الله عليه وسلم - بألطف عبارة؛ وأبلغ إشارة؛ بأن يأخذ قومه بالرفق؛ والأناة؛ والمواتاة؛ حتى لا ينفروا؛ وكذلك الشأن في كل داع لأمر؛ أو لجديد من الحق؛ لم يألفه الناس؛ لا يغاضبهم؛ ولا ينافرهم؛ بل يتألفهم؛ ويقرب منهم؛ ولا يباعدهم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية