الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دفف ]

                                                          دفف : الدف والدفة : الجنب من كل شيء ، بالفتح لا غير ; وأنشد الليث في الدفة :


                                                          ووانية زجرت ، عل وجاها قريح الدفتين من البطان



                                                          وقيل : الدف صفحة الجنب ; أنشد ثعلب في صفة إنسان :


                                                          يحك كدوح القمل تحت لبانه     ودفيه منها داميات وحالب



                                                          وأنشد أيضا في صفة ناقة :


                                                          ترى ظلها عند الرواح كأنه     إلى دفها ، رأل يخب خبيب



                                                          ورواية ابن العلاء : يحك جنيب ، يريد أن ظلها من سرعتها يضطرب اضطراب الرأل وذلك عند الرواح ، يقول : إنها وقت كلال الإبل نشيطة منبسطة ; وقول ذي الرمة :


                                                          أخو تنائف أغفى عند ساهمة     بأخلق الدف من تصديرها جلب



                                                          وروى بعضهم : أخا تنائف ، فهو على هذا مضمر لأن قبله زار الخيال ; فأما قول عنترة :


                                                          وكأنما تنأى بجانب دفها ال     وحشي من هزج العشي مؤوم



                                                          فإنما هو من إضافة الشيء إلى نفسه ، والجمع دفوف . ودفتا الرحل والسرج والمصحف : جانباه وضمامتاه من جانبيه . وفي الحديث : لعله يكون أوقر دف رحله ذهبا وورقا ; دف الرحل : جانب كور البعير وهو سرجه . ودفتا الطبل : الذي على رأسه . ودفا البعير : جنباه . وسنام مدفف إذا سقط على دفي البعير . ودف الطائر يدف دفا ودفيفا وأدف : ضرب جنبيه بجناحيه ، وقيل : هو الذي إذا حرك جناحيه ورجلاه في الأرض . وفي بعض التنزيه : ويسمع حركة الطير صافها ودافها ; الصاف : الباسط جناحيه لا يحركهما . ودفيف الطائر : مره فويق الأرض . والدفيف : أن يدف الطائر على وجه الأرض يحرك جناحيه ورجلاه بالأرض وهو يطير ثم يستقل . وفي الحديث : كل ما دف ولا تأكل ما صف ; أي كل ما حرك جناحيه في الطيران كالحمام ونحوه ولا تأكل ما صف جناحيه كالنسور والصقور . ودف العقاب يدف إذا دنا من الأرض في طيرانه . وعقاب دفوف : للذي يدنو من الأرض في طيرانه إذا انقض ; قال امرؤ القيس يصف فرسا ويشبهها بالعقاب :


                                                          كأني بفتخاء الجناحين لقوة     دفوف من العقبان طأطأت شملالي



                                                          وقوله : شملالي أي شمالي ، ويروى شملال دون ياء ، وهي الناقة الخفيفة ; وأنشد ابن سيده لأبي ذؤيب :


                                                          فبينا يمشيان جرت عقاب     من العقبان ، خائتة دفوف



                                                          وأما قول الراجز :


                                                          والنسر قد ينهض وهو دافي

                                                          فعلى محول التضعيف فخفف ، وإنما أراد وهو دافف ، فقلب الفاء الأخيرة ياء كراهية التضعيف وكسره على كسرة دافف ، وحذف إحدى الفاءين . ودفوف الأرض : أسنادها وهي دفادفها ، الواحدة دفدفة . والدفيف : العدو . الصحاح : الدفيف الدبيب وهو السير اللين ; واستعاره ذو الرمة في الدبران فقال يصف الثريا :


                                                          يدف على آثارها دبرانها     فلا هو مسبوق ولا هو يلحق



                                                          ودف الماشي : خف على وجه الأرض ; وقوله :


                                                          إليك أشكو مشيها تدافيا     مشي العجوز تنقل الأثافيا



                                                          إنما أراد تداففا فقلب كما قدمنا . والدافة والدفافة : القوم يجدبون فيمطرون ، دفوا يدفون . وقال : دفت دافة أي أتى قوم من أهل البادية قد أقحموا . وقال ابن دريد : هي الجماعة من الناس تقبل من بلد إلى بلد . ويقال : دفت علينا من بني فلان دافة . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - أنه قال لمالك بن أوس : يا مال ، إنه دفت علينا من قومك دافة وقد أمرنا لهم برضخ فاقسمه فيهم ; قال أبو عمرو : الدافة القوم يسيرون جماعة ، ليس بالشديد . وفي حديث لحوم الأضاحي : إنما نهيتكم عنها من أجل الدافة ; هم قوم يسيرون جماعة سيرا ليس بالشديد . يقال : هم قوم يدفون دفيفا . والدافة : قوم من الأعراب يريدون المصر ; يريد أنهم قدموا المدينة عند الأضحى فنهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي ليفرقوها ويتصدقوا بها فينتفع أولئك القادمون بها . وفي حديث سالم : أنه كان يلي صدقة عمر - رضي الله عنه - فإذا [ ص: 276 ] دفت دافة من الأعراب وجهها فيهم . وفي حديث الأحنف قال لمعاوية : لولا عزمة أمير المؤمنين لأخبرته أن دافة دفت . وفي الحديث أن أعرابيا قال : يا رسول الله ، هل في الجنة إبل ؟ فقال : نعم ، إن فيها النجائب تدف بركبانها ; أي تسير بهم سيرا لينا ، وفي الحديث الآخر : طفق القوم يدفون حوله . والدافة : الجيش يدفون نحو العدو أي يدبون . وتداف القوم إذا ركب بعضهم بعضا . ودفف على الجريح كذفف : أجهز عليه ، وكذلك دافه مدافة ودفافا ودافاه ; الأخيرة جهنية . وفي حديث ابن مسعود : أنه داف أبا جهل يوم بدر ; أي أجهز عليه وحرر قتله . يقال : داففت عليه ودافيته ودففت عليه تدفيفا ، وفي رواية : أقعص ابنا عفراء أبا جهل ودفف عليه ابن مسعود ، ويروى بالذال المعجمة بمعناه . وفي حديث خالد : أنه أسر من بني جذيمة قوما فلما كان الليل نادى مناديه : ألا من كان معه أسير فليدافه ، معناه ليجهز عليه . يقال : داففت الرجل دفافا ومدافة وهو إجهازك عليه ; قال رؤبة :


                                                          لما رآني أرعشت أطرافي     كان مع الشيب من الدفاف



                                                          قال أبو عبيد : وفيه لغة أخرى : فليدافه ، بتخفيف الفاء ، من دافيته ، وهي لغة لجهينة ; ومنه الحديث المرفوع : أنه أتي بأسير فقال : أدفوه ; يريد الدفء من البرد ، فقتلوه ، فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو عبيد : وفيه لغة ثالثة : فليذافه ، بالذال المعجمة . يقال : ذففت عليه تذفيفا إذا أجهزت عليه . وذاففت الرجل مذافة : أجهزت عليه . وفي الحديث : أن خبيبا قال وهو أسير بمكة : ابغوني حديدة أستطيب بها ، فأعطي موسى فاستدف بها أي حلق عانته واستأصل حلقها ، وهو من دففت على الأسير . وداففته ودافيته ، على التحويل : دافعته . ودف الأمر يدف واستدف : تهيأ وأمكن . يقال : خذ ما دف لك واستدف أي خذ ما تهيأ وأمكن وتسهل مثل استطف ، والدال مبدلة من الطاء . واستدف أمرهم أي استتب واستقام ; وحكى ابن بري عن ابن القطاع قال : يقال استدف واستذف ، بالدال والذال المعجمة . والدف والدف ، بالضم : الذي يضرب به النساء ، وفي المحكم : الذي يضرب به ، والجمع دفوف ، والدفاف صاحبها ، والمدفف صانعها ، والمدفدف ضاربها . وفي الحديث : فصل ما بين الحرام والحلال الصوت والدف ; المراد به إعلان النكاح ، والدفدفة استعجال ضربها . وفي حديث الحسن : وإن دفدفت بهم الهماليج ; أي أسرعت ، وهو من الدفيف السير اللين بتكرار الفاء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية