الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الخرص

                                                                      1605 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن مسعود قال جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خرصتم فجذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا أو تجذوا الثلث فدعوا الربع قال أبو داود الخارص يدع الثلث للحرفة [ ص: 364 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 364 ] باب في الخرص بفتح الخاء المعجمة وقد تكسر وسكون الراء بعدها صاد مهملة هو حرز ما على النخل من تمر ليحصى على ماله ويعرف مقدار عشره فيثبت على مالكه ويخلي بينه وبين الثمر قاله القسطلاني . والباب الأول كان خاصا في خرص العنب وهذا عام في كل شيء من التمر وغير ذلك مما يكال ويوزن والله أعلم .

                                                                      ( إذا خرصتم ) : الخرص تقدير ما على النخل من الرطب ثمرا وما على الكرم من العنب زبيبا ليعرف مقدار عشره ثم يخلي بينه وبين مالكه ويؤخذ ذلك المقدار وقت قطع الثمار وفائدة التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها وهو جائز عند الجمهور خلافا للحنفية وأحاديث الباب ترد عليه .

                                                                      قال الطيبي : وجواز الخرص هو قول قديم للشافعي وعامة أهل الحديث ، وعند أصحاب الرأي لا عبرة بالخرص لإفضائه إلى الربا ، وزعموا أن الأحاديث الواردة فيه كانت قبل تحريم الربا ، ويرده حديث عتاب فإنه أسلم يوم الفتح وتحريم الربا كان مقدما انتهى .

                                                                      ( فجذوا ) : بالجيم ثم الذال المعجمة ، كذا في بعض نسخ الكتاب هو أمر من الجذ وهو القطع والكسر ، وفي بعض النسخ فحذوا بالحاء المهملة ثم الذال المعجمة وهكذا في جامع الأصول من رواية أبي داود . قال ابن الأثير في النهاية : الجذ التقدير والقطع ، وفي بعض النسخ فجدوا بالجيم والدال المهملة بمعنى القطع .

                                                                      وفي بعض النسخ فخذوا بالخاء المعجمة ثم الذال المعجمة من الأخذ وهو موافق لما أخرجه أصحاب السنن وأحمد في مسنده . فالمعنى فخذوا أي زكاة المخروص إن سلم المخروص من الآفة .

                                                                      قال الطيبي : فخذوا جواب للشرط ودعوا عطف عليه أي إذا خرصتم فبينوا مقدار الزكاة ثم خذوا ثلثي ذلك المقدار ، واتركوا الثلث لصاحب المال حتى يتصدق به ( ودعوا الثلث ) : أي من القدر الذي قررتم بالخرص .

                                                                      وقد اختلف في معنى الحديث على قولين أحدهما أن يترك الثلث أو الربع من العشر ، وثانيهما أن يترك [ ص: 365 ] ذلك من نفس الثمر قبل أن يعشر . وقال الشافعي : معناه أن يدع ثلث الزكاة أو ربعها ليفرقها هو بنفسه على أقاربه وجيرانه . وقال في فتح الباري : قال بظاهره الليث وأحمد وإسحاق وغيرهم ، وفهم منه أبو عبيد في كتاب الأموال أن القدر الذي يأكلونه بحسب احتياجهم إليه فقال يترك قدر احتياجهم . وقال مالك وسفيان : لا يترك لهم شيء وهو المشهور عن الشافعي .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي .

                                                                      15 - باب متى يخرص التمر



                                                                      الخدمات العلمية