الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دلل ]

                                                          دلل : أدل عليه وتدلل : انبسط . وقال ابن دريد : أدل عليه وثق بمحبته فأفرط عليه . وفي المثل : أدل فأمل ، والاسم الدالة . وفي الحديث : يمشي على الصراط مدلا ; أي منبسطا لا خوف عليه ، وهو من الإدلال والدالة على من لك عنده منزلة ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          مدل لا تخضبي البنانا



                                                          قال ابن سيده : يجوز أن يكون مدلة هنا صفة ، أراد يا مدلة فرخم كقول العجاج :


                                                          جاري لا تستنكري عذيري



                                                          أراد يا جارية ، ويجوز أن يكون مدلة اسما فيكون هذا كقول هدبة :


                                                          عوجي علينا واربعي يا فاطما     ما دون أن يرى البعير قائما



                                                          والدالة : ما تدل به على حميمك . ودل المرأة ودلالها : تدللها على زوجها ، وذلك أن تريه جراءة عليه في تغنج وتشكل ، كأنها تخالفه وليس بها خلاف ، وقد تدللت عليه . وامرأة ذات دل أي شكل تدل به . وروي عن سعد أنه قال : بينا أنا أطوف بالبيت إذ رأيت امرأة أعجبني دلها ، فأردت أن أسأل عنها فخفت أن تكون مشغولة ، ولا يضرك جمال امرأة لا تعرفها ; قال ابن الأثير : دلها حسن هيئتها ، وقيل : حسن حديثها . قال شمر : الدلال للمرأة والدل حسن الحديث وحسن المزح والهيئة ; وأنشد :


                                                          فإن كان الدلال فلا تدلي     وإن كان الوداع فبالسلام



                                                          قال : ويقال هي تدل عليه أي تجترئ عليه ، يقال : ما دلك علي أي ما جرأك علي ; وأنشد :


                                                          فإن تك مدلولا علي ، فإنني     لعهدك لا غمر ، ولست بفاني



                                                          أراد : فإن جرأك علي حلمي فإني لا أقر بالظلم ; قال قيس بن زهير :


                                                          أظن الحلم دل علي قومي     وقد يستجهل الرجل الحليم



                                                          قال محمد بن حبيب : دل علي قومي أي جرأهم ; وفيها يقول :


                                                          ولا يعييك عرقوب للأي     إذا لم يعطك النصف الخصيم



                                                          وقوله عرقوب للأي يقول : إذا لم ينصفك خصمك فأدخل عليه عرقوبا يفسخ حجته . والمدل بالشجاعة : الجريء . ابن الأعرابي : المدلل الذي يتجنى في غير موضع تجن . ودل فلان إذا هدى . ودل إذا افتخر . والدلة : المنة . قال ابن الأعرابي : دل يدل إذا هدى ، ودل يدل إذا من بعطائه . والأدل : المنان بعمله . والدالة ممن يدل على من له عنده منزلة شبه جراءة منه . أبو الهيثم : لفلان عليك دالة وتدلل وإدلال . وفلان يدل عليك بصحبته إدلالا ودلالا ودالة أي يجترئ عليك ، كما تدل الشابة على الشيخ الكبير بجمالها ; وحكى ثعلب أن ابن الأعرابي أنشد لجهم بن شبل يصف ناقته :


                                                          تدلل تحت السوط ، حتى كأنما     تدلل تحت السوط خود مغاضب



                                                          قال : هذا أحسن ما وصف به الناقة . الجوهري : والدل الغنج والشكل . وقد دلت المرأة تدل ، بالكسر ، وتدللت وهي حسنة الدل والدلال . والدل قريب المعنى من الهدي ، وهما من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل وغير ذلك . والحديث الذي جاء : فقلنا لحذيفة أخبرنا برجل قريب السمت والهدي والدل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نلزمه ، فقال : ما أحد أقرب سمتا ولا هديا ولا دلا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يواريه جدار الأرض من ابن أم عبد ; فسره الهروي في الغريبين فقال : الدل والهدي قريب بعضه ، من بعض وهما من السكينة وحسن المنظر . وفي الحديث : أن أصحاب ابن مسعود كانوا يرحلون إلى عمر بن الخطاب فينظرون إلى سمته وهديه ودله فيتشبهون به ; قال أبو عبيد : أما السمت فإنه يكون بمعنيين : أحدهما حسن الهيئة والمنظر في الدين وهيئة أهل الخير ، والمعنى الثاني أن السمت الطريق ; يقال : الزم هذا السمت ، وكلاهما له معنى ، إما أرادوا هيئة الإسلام أو طريقة أهل الإسلام ; وقوله إلى هديه ودله فإن أحدهما قريب من الآخر ، وهما من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل وغير ذلك ، وقد تكرر ذكر الدل في الحديث ، وهو الهدي والسمت عبارة عن الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار وحسن السيرة والطريقة ; قال عدي بن زيد يمدح امرأة بحسن الدل :


                                                          لم تطلع من خدرها تبتغي خب     با ، ولا ساء دلها في العناق



                                                          وفلان يدل على أقرانه كالبازي يدل على صيده . وهو يدل بفلان أي يثق به . وأدل الرجل على أقرانه : أخذهم من فوق ، وأدل البازي على صيده كذلك . ودله على الشيء يدله دلا ودلالة فاندل : سدده إليه ، ودللته فاندل ; قال الشاعر :


                                                          ما لك ، يا أحمق ، لا تندل ؟     وكيف يندل امرؤ عثول ؟



                                                          قال أبو منصور : سمعت أعرابيا يقول لآخر أما تندل على الطريق ؟ والدليل : ما يستدل به . والدليل : الدال . وقد دله على الطريق يدله دلالة ودلالة ودلولة ، والفتح أعلى ; وأنشد أبو عبيد :


                                                          إني امرؤ بالطرق ذو دلالات



                                                          والدليل والدليلي : الذي يدلك ; قال :


                                                          شدوا المطي على دليل دائب [ ص: 292 ]     من أهل كاظمة ، بسيف الأبحر



                                                          قال بعضهم : معناه بدليل ; قال ابن جني : ويكون على حذف المضاف أي شدوا المطي على دلالة دليل فحذف المضاف وقوي حذفه هنا لأن لفظ الدليل يدل على الدلالة ، وهو كقولك سر على اسم الله ، وعلى هذه حال من الضمير في سر وشدوا وليست موصولة لهذين الفعلين لكنها متعلقة بفعل محذوف كأنه قال : شدوا المطي معتمدين على دليل دائب ، ففي الظرف دليل لتعلقه بالمحذوف الذي هو معتمدين ، والجمع أدلة وأدلاء ، والاسم الدلالة والدلالة ، بالكسر والفتح ، والدلولة والدليلى . قال سيبويه : والدليلى علمه بالدلالة ورسوخه فيها . وفي حديث علي - رضي الله عنه - في صفة الصحابة - رضي الله عنهم : ويخرجون من عنده أدلة ; وهو جمع دليل أي بما قد علموا فيدلون عليه الناس ، يعني يخرجون من عنده فقهاء فجعلهم أنفسهم أدلة مبالغة . ودللت بهذا الطريق : عرفته ، ودللت به أدل دلالة ، وأدللت بالطريق إدلالا . والدليلة : المحجة البيضاء ، وهي الدلى . وقوله تعالى : ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ; قيل : معناه تنقصه قليلا قليلا . والدلال : الذي يجمع البيعين ، والاسم الدلالة والدلالة ، والدلالة : ما جعلته للدليل أو الدلال . وقال ابن دريد : الدلالة ، بالفتح ، حرفة الدلال . ودليل بين الدلالة ، بالكسر لا غير . والتدلدل : كالتهدل ; قال :


                                                          كأن خصييه من التدلدل



                                                          وتدلدل الشيء وتدردر إذا تحرك متدليا . والدلدلة : تحريك الرجل رأسه وأعضاءه في المشي . والدلدلة : تحريك الشيء المنوط . ودلدله دلدالا : حركه ; عن اللحياني ، والاسم الدلدال . الكسائي : دلدل في الأرض وبلبل وقلقل ذهب فيها . وقال اللحياني : دلدلهم وبلبلهم حركهم . وقال الأصمعي : تدلدل عليه فوق طاقته ، والدلال منه ، والدلدال الاضطراب . ابن الأعرابي : من أسماء القنفذ الدلدل والشيهم والأزيب . الصحاح : الدلدل عظيم القنافذ . ابن سيده : الدلدل ضرب من القنافذ له شوك طويل ، وقيل : الدلدل شبه القنفذ وهي دابة تنتفض فترمي بشوك كالسهام ، وفرق ما بينهما كفرق ما بين الفئرة والجرذان ، والبقر والجواميس ، والعراب والبخاتي . الليث : الدلدل شيء عظيم أعظم من القنفذ ذو شوك طوال . وفي حديث ابن أبي مرثد : فقالت عناق البغي : يا أهل الخيام هذا الدلدل الذي يحمل أسراركم ; الدلدل : القنقذ ، وقيل : ذكر القنافذ . قال : يحتمل أنها شبهته بالقنفذ لأنه أكثر ما يظهر بالليل ولأنه يخفي رأسه في جسده ما استطاع . ودلدل في الأرض : ذهب . ومر يدلدل ويتدلدل في مشيه إذا اضطرب . اللحياني : وقع القوم في دلدال وبلبال إذا اضطرب أمرهم وتذبذب . وقوم دلدال إذا تدلدلوا بين أمرين فلم يستقيموا ; وقال أوس :


                                                          أمن لحي أضاعوا بعض أمرهم     بين القسوط وبين الدين دلدال



                                                          ابن السكيت : جاء القوم دلدلا إذا كانوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ; قال أبو معدان الباهلي :


                                                          جاء الحزائم والزبائن دلدلا     لا سابقين ولا مع القطان
                                                          فعجبت من عوف وماذا كلفت     وتجيء عوف آخر الركبان



                                                          قال : والحزيمتان والزبينتان من باهلة وهما حزيمة وزبينة جمعهما الشاعر أي يتدلدلون مع الناس لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء . ودلدل : اسم بغلة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم . ودلة ومدلة : بنتا منجشان الحميري . ودل ، بالفارسية : الفؤاد ، وقد تكلمت به العرب وسمت به المرأة فقالوا دل ، ففتحوه لأنهم لما لم يجدوا في كلامهم دلا أخرجوه إلى ما في كلامهم ، وهو الدل الذي هو الدلال والشكل والشكل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية