الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دهده ]

                                                          دهده : دهدهت الحجارة ودهديتها إذا دحرجتها فتدهده الحجر وتدهدى ; قال رؤبة :


                                                          دهدهن جولان الحصى المدهده



                                                          وفي حديث الرؤيا : فيتدهدى الحجر فيتبعه فيأخذه أي يتدحرج . والدهدهة : قذفك الحجارة من أعلى إلى أسفل دحرجة ; وأنشد :


                                                          يدهدهن الرءوس ، كما تدهدي     حزاورة ، بأبطحها ، الكرينا



                                                          حول الهاء الأخيرة ياء لقرب شبهها بالهاء ، ألا ترى أن الياء مدة والهاء نفس ؟ ومن هناك صار مجرى الياء والواو والألف والهاء في روي الشعر شيئا واحدا نحو قوله :


                                                          لمن طلل كالوحي عاف منازله



                                                          فاللام هو الروي ، والهاء وصل الروي ، كما أنها لو لم تكن لمدت اللام حتى تخرج من مدتها واو أو ياء أو ألف للوصل نحو منازلي ومنازلا ومنازلو ، والله أعلم . ابن سيده : دهده الشيء فتدهده حدره من علو إلى سفل تدحرجا . ودهدهه : قلب بعضه على بعض ، وكذلك دهداه دهداء ودهداة ، الياء بدل من الهاء لأنها مثلها في الخفاء ، كما أبدلت هي منها في قولهم : ذه أمة الله . الجوهري : دهدهت الحجر فتدهده دحرجته فتدحرج ; وقد تبدل من الهاء ياء فيقال تدهدى الحجر وغيره تدهديا إذا تدحرج ، ودهديته أنا أدهديه دهداة ودهدأة إذا دحرجته ; قال ذو الرمة :


                                                          أدنى تقاذفه التقريب أو خبب     كما تدهدى من العرض الجلاميد



                                                          والدهدية : الخرء المستدير الذي يدهديه الجعل . ودهدوة الجعل ودهدوته ودهديته ، على البدل ، ودهديته ، بالتخفيف ; عن ابن [ ص: 313 ] الأعرابي : ما يدهديه . ابن بري : الدهدوهة كالدحروجة ، وهو ما يجمعه الجعل من الخرء . وفي الحديث : لما يدهده الجعل خير من الذين ماتوا في الجاهلية ; هو ما يدحرجه من السرجين . وفي الحديث الآخر : كما يدهده الجعل النتن بأنفه . الجوهري : الدهدهان الكبير من الإبل ; قال : وأنشد أبو زيد في كتاب حيلة ومحالة للأغر :


                                                          لنعم ساقي الدهدهان ذي العدد     الجلة الكوم الشراب في العضد



                                                          الجلة : المسان من الإبل ، والكوم جمع أكوم وكوماء : العظام الأسنمة ; والشراب : جمع شارب ، وعضد الحوض : من إزائه إلى مؤخره . ابن سيده : والدهداه صغار الإبل ; قال :


                                                          قد رويت ، غير الدهيدهينا     قليصات وأبيكرينا



                                                          جمع الدهداة بالواو والنون وحذف الياء من الدهيديهينا للضرورة كما قال :


                                                          والبكرات الفسج العطامسا



                                                          فحذف الياء من العطاميس ، وهو جمع عيطموس ، للضرورة ; وقال الجوهري : كأنه جمع الدهداة على دهاده ، ثم صغر دهاده فقال دهيده ، ثم جمع دهيدها بالياء والنون ، وكذلك أبكر جمع بكر ثم صغر فقال أبيكر ، ثم جمعه بالياء والنون . ابن سيده : الدهداه والدهدهان والدهيدهان الكثير من الإبل . أبو الطفيل : الدهداه الكثير من الإبل حواشي كن أو جلة ; وأنشد :


                                                          إذا الأمور اصطكت الدواهي     مارسن ذا عقب وذا بداه
                                                          يذود يوم النهل الدهداه



                                                          أي النهل الكثير . ويقال : ما أدري أي الدهدا هو أي أي الناس ، ويقال : أي الدهداء هو ، بالمد . وقولهم : إلا ده فلا ده ، معناه إن لم يكن هذا الأمر الآن فلا يكون بعد الآن ، ولا يدرى ما أصله ; قال الجوهري : وإني لأظنها فارسيا ، يقول : إن لم تضربه الآن فلا تضربه أبدا ; وأنشد قول رؤبة :


                                                          فاليوم قد نهنهني تنهنهي     وقول : إلا ده فلا ده



                                                          يقال : إنها فارسية حكى قول ظئره . والقول : جمع قائل مثل راكع وركع . وفي حديث الكاهن : إلا ده فلا ده ; هذا مثل من أمثال العرب قديم معناه : إن لم تنله الآن لم تنله أبدا ، وقيل : أصله فارسي معرب أي إن لم تعط الآن لم تعط أبدا . الأزهري : قال الليث ده كلمة كانت العرب تتكلم بها ، يرى الرجل ثأره فتقول له يا فلان إلا ده فلا ده أي أنك إن لم تثأر بفلان الآن لم تثأر به أبدا . وقال أبو عبيد في باب طلب الحاجة يسألها فيمنعها فيطلب غيرها : من أمثالهم في هذا : إلا ده فلا ده ; يضرب للرجل يقول : أريد كذا وكذا ، فإن قيل له : ليس يمكن ذاك ، قال : فكذا وكذا . وكان ابن الكلبي يخبر عن بعض الكهان : أنه تنافر إليه رجلان من العرب فقالا أخبرنا في أي شيء جئناك ؟ فقال : في كذا وكذا ، فقالا : إلا ده أي انظر غير هذا النظر ، فقال : إلا ده فلا ده ، ثم أخبرهما بها . وقال الأصمعي في معنى قوله إلا ده فلا ده : أي إن لم يكن هذا فلا يكون ذاك . ويقال : لا ده فلا ده ، يقول : لا أقبل واحدة من الخصلتين اللتين تعرض . أبو زيد : تقول إلا ده فلا ده يا هذا ، وذلك أن يوتر الرجل فيلقى واتره فيقول له بعض القوم : إن لم تضربه الآن فإنك تضربه ; قال الأزهري : هذا القول يدل على أن ده فارسية معناها الضرب ، تقول للرجل إذا أمرته بالضرب : ده ، قال : رأيته في كتاب أبي زيد بكسر الدال ، وقال ابن الأعرابي : العرب تقول إلا ده فلا ده ، يقال للرجل إذا أشرف على قضاء حاجته من غريم له أو من ثأره أو من إكرام صديق له إلا ده فلا ده ، أي إن لم تغتنم الفرصة الساعة فلست تصادفها أبدا ، ومثله : بادر الفرصة قبل أن تكون الغصة . ابن السكيت : الدهدر والدهدن الباطل ، وكأنهما كلمتان جعلتا واحدة . أبو عبيد عن الأصمعي في باب الباطل : ده درين سعد القين ، قال : ومعناه عندهم الباطل ، ولا أدري ما أصله . قال : وأما أبو زياد فإنه قال لي يقال ده دريه ، بالهاء ، وقال ، وقال أبو الفضل : وجدت بخط أبي الهيثم ده درين سعد القين ; ده مضمومة الدال ، سعد منصوب الدال ، والقين غير معرب كأنه موقوف . ابن السكيت : قولهم ده در معرب وأصله ده أي عشرة درين أو در أي عشرة ألوان في واحد أو اثنين . قال الأزهري : قد حكيت في هذين المثلين ما سمعته وحفظته لأهل اللغة ، ولم أجد لهما في عربية ولا عجمية إلى هذه الغاية أصلا صحيحا ، أعني إلا ده فلا ده ، وده درين . ابن الأعرابي : ده زجر للإبل ، يقال في زجرها ده ده .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية