الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دهق ]

                                                          دهق : الدهق : شدة الضغط . والدهق أيضا : متابعة الشد . ودهق الماء وأدهقه : أفرغه إفراغا شديدا . وفي حديث علي - رضي الله عنه : نطفة دهاقا وعلقة محاقا ; أي نطفة قد أفرغت إفراغا شديدا ، من قولهم أدهقت الماء أفرغته إفراغا شديدا ، فهو إذا من الأضداد . وأدهق الكأس : شد ملأها . وكأس دهاق : مترعة ممتلئة . وفي التنزيل : وكأسا دهاقا ، قيل : ملأى ; وقال خداش بن زهير :


                                                          أتانا عامر يرجو قرانا فأترعنا له كأسا دهاقا



                                                          ويقال : أدهقت الكأس إلى أصبارها أي ملأتها إلى أعاليها . وفي التهذيب : دهقت الكأس أي ملأتها ، وقيل : معنى قوله دهاقا متتابعة على شاربيها من الدهق الذي هو متابعة الشد ، والأول أعرف ، وقيل : دهاقا صافية ; وأنشد :


                                                          يلذه بكأسه الدهاق



                                                          قال ابن سيده : وأما صفتهم الكأس وهي أنثى بالدهاق ولفظه لفظ التذكير فمن باب عدل ورضا . أعني أنه مصدر وصف به وهو موضوع موضع إدهاق ، وقد كان يجوز أن يكون من باب هجان ودلاص إلا أنا لم نسمع كأسان دهاقان ; قال : وإنما حمل سيبويه أن يجعل دلاصا وهجانا في حد الجمع تكسيرا لهجان ودلاص في حد الإفراد قولهم هجانان ودلاصان ، ولولا ذلك لحمله على باب رضا لأنه أكثر ، فافهمه . ودهق لي من المال دهقة : أعطاني منه صدرا . والدهق : خشبتان يغمز بهما الساق . وادهقت الحجارة : اشتد تلازبها ودخل بعضها في بعض مع كثرة ; وأنشد الأزهري :


                                                          ينصاح من جبلة رضم مدهق



                                                          والدهقان والدهقان : التاجر ، فارسي معرب . قال سيبويه : إن جعلت دهقان من الدهق لم تصرفه . هكذا قال من الدهق ، قال : فلا أدري أقاله على أنه مقول أم هو تمثيل منه لا لفظ معقول ، قال : والأغلب على ظني أنه مقول وهم الدهاقنة والدهاقين ; قال :


                                                          إذا شئت غنتني دهاقين قرية     وصناجة تحدو على كل منسم



                                                          وقبله :


                                                          ألا أبلغا الحسناء أن حليلها     بميسان ، يسقى من زجاج وحنتم



                                                          وبعده :


                                                          لعل أمير المؤمنين يسوءه     تنادمنا بالجوسق المتهدم
                                                          إذا كنت ندماني فبالأكبر اسقني     ولا تسقني بالأصغر المتثلم



                                                          يعني بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لأنه هو الذي ولاه . والدهق ، بالتحريك : ضرب من العذاب ، وهو بالفارسية " أشكنجه " . ودهقت الشيء : كسرته وقطعته ، وكذلك دهدقته ; وأنشد الحجر بن خالد أحد بني قيس بن ثعلبة :


                                                          ندهدق بضع اللحم للباع والندى     وبعضهم تغلي بذم مناقعه
                                                          ويحلب ضرس الضيف فينا ، إذا شتا     سديف السنام تستريه أصابعه



                                                          المناقع : القدور الصغار ، واحدها منقع ومنقعة ; وأنشد ابن بري لأبي النجم :


                                                          قد استحلوا القتل فاقتل وادهق



                                                          والدهدقة : دوران البضع الكثير في القدر إذا غلب تراها تعلو مرة وتسفل أخرى ; وأنشد :

                                                          [ ص: 317 ]

                                                          تقمص دهداق البضيع ، كأنه     رءوس قطا كدر دقاق الحناجر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية