الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2778 (5) باب

                                                                                              ما جاء في فضل عتق الرقبة المؤمنة وفي عتق الوالد

                                                                                              [ 1577 ] عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار حتى فرجه بفرجه".

                                                                                              ورواه من حديث سعيد بن مرجانة وقال: فانطلقت حين سمعت الحديث من أبي هريرة فذكرته لعلي بن الحسين، فأعتق عبدا له قد أعطى به ابن جعفر عشرة آلاف أو ألف دينار.


                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 420 و 422)، والبخاري (2517)، ومسلم (1509) (22) و (24)، والترمذي (1541)، والنسائي في الكبرى (4874). [ ص: 342 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 342 ] (5) ومن باب: فضل عتق الرقاب

                                                                                              (قوله صلى الله عليه وسلم: ( من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منه عضوا من النار ).

                                                                                              قلت: مقتضى هذا: التسوية بين عتق الذكر والأنثى، والصحيح والمعيب، بحكم عموم (رقبة) فإنها نكرة في سياق الشرط. وقد صح في ذلك تفصيل. وهو ما خرجه الترمذي عن أبي أمامة وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار، يجزي كل عضو منه عضوا منه، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يجزي كل عضو منهما عضوا منه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار، يجزي كل عضو منها عضوا منها ). قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وقد صح من حديث أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الرقاب أفضل؟ فقال: (أنفسها عند أهلها، وأغلاها ثمنا). وهذا يدل على أن المعيب ليس كالصحيح، ولا الكبير مثل الصغير، ولا القليل الثمن مثل الكثير، لتفاوت ما بينهم، ولما شهد حديث الترمذي بتفاوت ما بين الذكر والأنثى؛ لزم منه التفاوت بين من ذكرناهم في ذلك. والله تعالى أعلم. وإنما فضل عتق الذكر على الأنثى؛ لأن جنس الرجال أفضل، [ ص: 343 ] ولأن قوام الدنيا والدين إنما هو بالرجال، والنساء محل لشهواتهم، ومقر للإنسال.

                                                                                              وفيه: ما يدل على أن هذا الفضل العظيم إنما هو في عتق المؤمن. ولا خلاف في جواز عتق الكافر تطوعا . فلو كان الكافر أغلى ثمنا، فروي عن مالك : أنه أفضل من المؤمن القليل الثمن تمسكا بحديث أبي ذر . وخالفه في ذلك أكثر أهل العلم نظرا إلى حرمة المسلم، وإلى ما يحصل منه من المنافع الدينية، كالشهادات، والجهاد، والمعونة على إقامة الدين، وهو الأصح. والله تعالى أعلم.



                                                                                              الخدمات العلمية