الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ دهم ]

                                                          دهم : الدهمة : السواد . والأدهم : الأسود ، يكون في الخيل والإبل وغيرهما ، فرس أدهم وبعير أدهم ; قال أبو ذؤيب :


                                                          أمنك البرق أرقبه فهاجا فبت إخاله دهما خلاجا ؟



                                                          والعرب تقول : ملوك الخيل دهمها ، وقد ادهام ، وبه دهمة شديدة . الجوهري : ادهم الفرس ادهماما أي صار أدهم ، وادهام الشيء ادهيماما أي اسواد ، وادهام الزرع : علاه السواد ريا . وحديقة دهماء مدهامة : خضراء تضرب إلى السواد من نعمتها وريها . وفي التنزيل [ ص: 318 ] العزيز : مدهامتان أي سوداوان من شدة الخضرة من الري ; يقول : خضراوان إلى ذالسواد من الري ، وقال الزجاج : يعني أنهما خضراوان تضرب خضرتهما إلى السواد ، وكل نبت أخضر فتمام خصبه وريه أن يضرب إلى السواد . والدهمة عند العرب : السواد ، وإنما قيل للجنة مدهامة لشدة خضرتها . يقال : اسودت الخضرة أي اشتدت . وفي حديث قس : وروضة مدهامة ; أي شديدة الخضرة المتناهية فيها كأنها سوداء لشدة خضرتها ، والعرب تقول لكل أخضر أسود ، وسميت قرى العراق سوادا لكثرة خضرتها ; وأنشد ابن الأعرابي في صفة نخل :


                                                          دهما كأن الليل في زهائها     لا ترهب الذئب على أطلائها



                                                          يعني أنها خضر إلى السواد من الري ، وأن اجتماعها يري شخوصها سودا وزهاؤها شخوصها ، وأطلاؤها أولادها ، يعني فسلانها ؛ لأنها نخل لا إبل . والأدهم : القيد لسواده ، وهي الأداهم ، كسروه تكسير الأسماء وإن كان في الأصل صفة لأنه غلب غلبة الاسم ; قال جرير :


                                                          هو القين وابن القين ، لا قين مثله     لبطح المساحي ، أو لجدل الأداهم



                                                          أبو عمرو : إذا كان القيد من خشب فهو الأدهم والفلق . الجوهري : يقال للقيد الأدهم ; وقال :


                                                          أوعدني ، بالسجن والأداهم     رجلي ، ورجلي شثنة المناسم



                                                          والدهمة من ألوان الإبل : أن تشتد الورقة حتى يذهب البياض . بعير أدهم وناقة دهماء إذا اشتدت ورقته حتى ذهب البياض الذي فيه ، فإن زاد على ذلك حتى اشتد السواد فهو جون ، وقيل : الأدهم من الإبل نحو الأصفر إلا أنه أقل سوادا ، وقالوا : لا آتيك ما حنت الدهماء ; عن اللحياني ، وقال : هي الناقة ، لم يزد على ذلك ; قال ابن سيده : وعندي أنه من الدهمة التي هي هذا اللون ، قال الأصمعي : إذا اشتدت ورقة البعير لا يخالطها شيء من البياض فهو أدهم . وناقة دهماء وفرس أدهم بهيم إذا كان أسود لا شية فيه . والوطأة الدهماء : الجديدة ، والغبراء : الدارسة ; قال ذو الرمة :


                                                          سوى وطأة دهماء ، من غير جعدة     ثنى أختها عن غرز كبداء ضامر



                                                          أراد غير جعدة . وقال الأصمعي : أثر أدهم جديد ، وأثر أغبر قديم دارس . وقال غيره : أثر أدهم قديم دارس . قال : الوطأة الدهماء القديمة ، والحمراء الجديدة ، فهو على هذا من الأضداد ; قال :


                                                          وفي كل أرض جئتها أنت واجد     بها أثرا منها جديدا وأدهما



                                                          الدهماء : ليلة تسع وعشرين . والدهم ثلاث ليال من الشهر لأنها دهم . وفي حديث علي - عليه السلام : لم يمنع ضوء نورها ادهمام سجف الليل المظلم ; الادهمام : مصدر ادهم أي اسود . والادهيمام : مصدر ادهام كالاحمرار والاحميرار في احمر واحمار . والدهماء من الضأن : الحمراء الخالصة الحمرة . الليث : الدهم الجماعة الكثيرة . وقد دهمونا أي جاءونا بمرة جماعة . ودهمهم أمر إذا غشيهم فاشيا ; وأنشد :


                                                          جئنا بدهم يدهم الدهوما



                                                          وفي حديث بعض العرب وسبق إلى عرفات : اللهم اغفر لي من قبل أن يدهمك الناس ; أي يكثروا عليك ; قال ابن الأثير : ومثل هذا لا يجوز أن يستعمل في الدعاء إلا لمن يقوله بغير تكلف . الأزهري : ولما نزل قوله تعالى : عليها تسعة عشر ; قال أبو جهل : ما تستطيعون يا معشر قريش ، وأنتم الدهم ، أن يغلب كل عشرة منكم واحدا منهم ; أي وأنتم العدد الكثير ، وجيش دهم أي كثير . وجاءهم دهم من الناس أي كثير . والدهم : العدد الكثير . ومنه الحديث : محمد في الدهم بهذا القور ، وحديث بشير بن سعد : فأدركه الدهم عند الليل ، والجمع الدهوم ; وقال :


                                                          جئنا بدهم يدهم الدهوما     مجر ، كأن فوقه النجوما



                                                          ودهموهم ودهموهم يدهمونهم دهما : غشوهم ; قال بشر بن أبي خازم :


                                                          فدهمتهم دهما بكل طمرة     ومقطع حلق الرحالة مرجم



                                                          وكل ما غشيك فقد دهمك ودهمك دهما ; أنشد ثعلب لأبي محمد الحذلمي :


                                                          يا سعد عم الماء ورد يدهمه     يوم تلاقى شاؤه ونعمه



                                                          ابن السكيت : دهمهم الأمر يدهمهم ودهمتهم الخيل ، قال : وقال أبو عبيدة ودهمهم ، بالفتح ، يدهمهم لغة . وأتتكم الدهيماء ; يقال : أراد بالدهيماء السوداء المظلمة ، ويقال : أراد بذلك الداهية يذهب إلى الدهيم اسم ناقة ، وفي حديث حذيفة : وذكر الفتنة فقال أتتكم الدهيماء ترمي بالنشف ثم التي تليها ترمي بالرضف ; وفي حديث آخر : حتى ذكر فتنة الأحلاس ثم فتنة الدهيماء ; قال أبو عبيدة : قوله الدهيماء نراه أراد الدهماء فصغرها ، قال شمر : أراد بالدهماء الفتنة السوداء المظلمة والتصغير فيها للتعظيم ، ومنه حديثه الآخر : لتكونن فيكم أربع فتن : الرقطاء والمظلمة وكذا وكذا ; فالمظلمة مثل الدهماء ، قال : وبعض الناس يذهب بالدهيماء إلى الدهيم وهي الداهية ، وقيل للداهية دهيم أن ناقة كان يقال لها الدهيم ، وغزا قوم من العرب قوما فقتل منهم سبعة إخوة فحملوا على الدهيم ، فصارت مثلا في كل داهية . قال شمر : وسمعت ابن الأعرابي يروي عن المفضل أن هؤلاء بنو الزبان بن مجالد ، خرجوا في طلب إبل لهم فلقيهم كثيف بن زهير ، فضرب أعناقهم ثم حمل رءوسهم في جوالق وعلقه في عنق ناقة يقال لها الدهيم ، وهي ناقة عمرو بن الزبان ، ثم خلاها في الإبل فراحت على الزبان فقال لما رأى الجوالق : أظن بني صادوا بيض نعام ، ثم أهوى بيده فأدخلها في الجوالق فإذا رأس ، فلما [ ص: 319 ] رآه قال : آخر البز على القلوص ، فذهبت مثلا ، وقيل : أثقل من حمل الدهيم وأشأم من الدهيم ; وقيل في الدهيم : اسم ناقة غزا عليها ستة إخوة فقتلوا عن آخرهم وحملوا عليها حتى رجعت بهم ، فصارت مثلا في كل داهية ، وضربت العرب الدهيم مثلا في الشر والداهية ; وقال الراعي يذكر جور السعاة :


                                                          كتب الدهيم من العداء لمسرف     عاد ، يريد مخانة وغلولا



                                                          وقال الكميت :


                                                          أهمدان مهلا ! لا يصبح بيوتكم     بجرمكم حمل الدهيم ، وما تزبي



                                                          وهذا البيت حجة لما قاله المفضل . والدهماء : الجماعة من الناس . الكسائي : يقال دخلت في خمر الناس أي في جماعتهم وكثرتهم ، وفي دهماء الناس أيضا مثله ; وقال :


                                                          فقدناك فقدان الربيع ، وليتنا     فديناك ، من دهمائنا بألوف



                                                          وما أدري أي الدهم هو وأي دهم الله هو أي أي خلق الله . والدهماء : العدد الكثير . ودهماء الناس : جماعتهم وكثرتهم . والدهيماء ، تصغير الدهماء : الداهية ، سميت بذلك لإضلامها ، والدهيم وأم الدهيم الدواهي ، وفي المحكم : الداهية . وفي الحديث : من أراد أهل المدينة بدهم أي بغائلة من أمر عظيم يدهمهم أي يفجؤهم . ويقال : هدمه ودهدمه بمعنى واحد ; قال العجاج :


                                                          وما سؤال طلل وأرسم     والنؤي ، بعد عهده المدهدم



                                                          يعني الحاجز حول البيت إذا تهدم ; وقال :


                                                          غير ثلاث في المحل صيم     روائم ، وهن مثل الرؤم
                                                          بعد البلى ، شبه الرماد الأدهم



                                                          وربع أدهم : حديث العهد بالحي ، وأربع دهم ; وقال ذو الرمة أيضا :


                                                          أللأربع الدهم اللواتي كأنها     بقية وحي في بطون الصحائف ؟



                                                          الأزهري : المتدهم والمتدأم والمتدثر هو المجبوس المأبون . والدهماء : القدر . ابن شميل : الدهماء السوداء من القدور ، وقد دهمتها النار . والدهماء : سحنة الرجل . وفعل به ما أدهمه أي ساءه وأرغمه ; عن ثعلب . والدهماء : عشبة ذات ورق وقضب كأنها القرنوة ، ولها نورة حمراء يدبغ بها ، ومنبتها قفاف الرمل . وقد سموا داهما ودهيما ودهمانا . والدهيم : اسم ناقة ، وقد تقدم ذكرها . ودهمان : بطن من هذيل ; قال صخر الغي :


                                                          ورهط دهمان ورهط عاديه



                                                          والأدهم : فرس عنترة بن معاوية ، صفة غالبة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية