الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما صفة عقد الشركة .

                                                                                                                                فهي أنها عقد جائز غير لازم حتى ينفرد كل واحد منهما بالفسخ ، إلا أن من شرط جواز الفسخ أن يكون بحضرة صاحبه ، أي بعلمه ، حتى لو فسخ بمحضر من صاحبه جاز الفسخ ، وكذا لو كان صاحبه غائبا ، وعلم بالفسخ ، وإن كان غائبا ولم يبلغه الفسخ ; لم يجز الفسخ ولم ينفسخ العقد ; لأن الفسخ من غير علم صاحبه إضرار بصاحبه ، ولهذا لم يصح عزل الوكيل من غير علمه مع ما أن الشركة تتضمن الوكالة ، وعلم الوكيل بالعزل شرط جواز العزل ، فكذا في الوكالة التي تضمنته الشركة ، وعلى هذا الأصل قال الحسن بن زياد : إذا شارك أحد شريكي العنان رجلا شركة مفاوضة ، أنه إن كان بغير محضر من شريكه لم تكن مفاوضة ، وإن كان بمحضر منه صحت المفاوضة ; لأن المفاوضة مع غيره تتضمن فسخ العنان ، وهو لا يملك الفسخ عند غيبته ، ويملك عند حضرته ، وهل يشترط أن يكون مال الشركة عينا وقت الشركة لصحة الفسخ ، وهي أن يكون دراهم أو دنانير ذكر الطحاوي أنه شرط حتى لو كان مال الشركة عروضا وقت الفسخ ، لا يصح الفسخ ، ولا تنفسخ الشركة ولا رواية عن أصحابنا في الشركة وفي المضاربة رواية وهي أن رب المال إذا نهى المضارب عن التصرف فإنه ينظر إن كان مال المضاربة وقت النهي دراهم أو دنانير ، صح النهي ، لكن له أن يصرف الدراهم إلى الدنانير والدنانير إلى الدراهم ; لأنهما في الثمنية جنس واحد ، فكأنه لم يشتر بها شيئا ، وليس له أن يشتري بها عروضا وإن كان رأس المال وقت النهي عروضا ، فلا يصح نهيه ; لأنه يحتاج إلى بيعها ليظهر الربح ، فكان الفسخ إبطالا لحقه في التصرف فجعل الطحاوي الشركة بمنزلة المضاربة ، وبعض مشايخنا فرق بين الشركة والمضاربة فقال يجوز فسخ الشركة وإن كان رأس المال عروضا ولا يجوز فسخ المضاربة لأن مال الشركة في يد الشريكين جميعا ، ولهما جميعا ولاية التصرف فيملك كل واحد منهما نهي صاحبه عينا كان المال أو عروضا ، فأما مال المضاربة ففي يد المضارب ، وولاية التصرف له لا لرب المال ، فلا يملك رب المال نهيه بعد ما صار المال عروضا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية