الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              جماع أبواب معجزاته صلى الله عليه وسلم في إخباره بالفتن والملاحم الواقعة بعده .

                                                                                                                                                                                                                              الباب الأول في إخباره صلى الله عليه وسلم بالفتن وإقبالها ونزولها كمواقع القطر والظلل ومن أين تجيء وفيه أنواع

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه والطيالسي ومحمد بن يحيى بن أبي عمر المدني ، والإمام أحمد برجال ثقات عن الحسن البصري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ، ويصبح كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا»

                                                                                                                                                                                                                              زاد النعمان بن بشير رضي الله عنه قال الحسن : ولقد رأيناهم صورا ولا عقولا ، جسام ولا أحلام ، فراش نار وذباب يغدون بدرهمين ويروحون بدرهمين ، يبيع أحدهم دينه بثمن العير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لتفتنن أمتي بعدي فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع أقوام دينهم لعرض من الدنيا قليل» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة عن قيس رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «ورفع رأسه إلى السماء سبحان الله ترسل عليهم الفتن إرسال القطر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على أطم من آطام المدينة ، ثم قال : «هل ترون ما أرى ؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطيالسي والبيهقي والإمام أحمد والطبراني في الكبير والحاكم وقال : صحيح عن كرز بن علقمة الخزاعي رضي الله عنه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل للإسلام منتهى ؟

                                                                                                                                                                                                                              فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام» ، قال : ثم ماذا ؟ قال : «ثم تقع الفتن كالظلل» ، فقال الرجل كلا ، والله إن شاء الله قال :

                                                                                                                                                                                                                              «بلى والذي نفسي بيده ثم تعودون فيها أساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض ، أفضل الناس يومئذ معتزل في شعب من الشعاب يتقي ربه ويدع الناس من شره»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه والطبراني في الأوسط عن حذيفة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أظلتكم» وفي لفظ : «أتتكم فتن كقطع الليل [ ص: 143 ]

                                                                                                                                                                                                                              المظلم ، أنجى الناس منها صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمه ، أو رجل من وراء الدروب آخذ بعنان فرسه يأكل من فيء سيفه»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الأوسط عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتتكم الفتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع أحدكم دينه بعرض من الدنيا قليل» ، قلت فكيف نصنع يا رسول الله ؟ قال :

                                                                                                                                                                                                                              «تكسر يدك» ، قلت : فإن انجبرت ؟ قال : «تكسر الأخرى» قلت : حتى متى ؟ قال : «حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فزعا ، يقول :

                                                                                                                                                                                                                              «سبحان الله! ماذا فتح الله من الخزائن ، وماذا أنزل من الفتن»
                                                                                                                                                                                                                              . [ ص: 144 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية