الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بأبأ ]

                                                          بأبأ : الليث : البأبأة قول الإنسان لصاحبه بأبي أنت ، ومعناه أفديك بأبي ، فيشتق من ذلك فعل فيقال : بأبأ به . قال : ومن العرب من يقول : وابأبا أنت ، جعلوها كلمة مبنية على هذا التأسيس . قال أبو منصور : وهذا كقوله يا ويلتا ، معناه يا ويلتي ، فقلب الياء ألفا ، وكذلك يا أبتا معناه يا أبتي ، وعلى هذا توجه قراءة من قرأ : يا أبت إني ، أراد يا أبتا ، وهو يريد يا أبتي ، ثم حذف الألف ، ومن قال : يا بيبا حول الهمزة ياء ، والأصل : يا بأبا معناه يا بأبي . والفعل من هذا بأبأ يبأبئ بأبأة . وبأبأت الصبي وبأبأت به : قلت له بأبي أنت وأمي ; قال الراجز :


                                                          وصاحب ذي غمرة داجيته بأبأته ، وإن أبى فديته     حتى أتى الحي ، وما آذيته



                                                          وبأبأته أيضا ، وبأبأت به قلت له : بابا . وقالوا : بأبأ الصبي أبوه إذا قال له : بابا . وبأبأه الصبي ، إذا قال له : بابا . وقال الفراء : بأبأت بالصبي بئباء إذا قلت له : بأبي . قال ابن جني : سألت أبا علي فقلت له : بأبأت الصبي بأبأة إذا قلت له بابا ، فما مثال البأبأة عندك الآن ؟ أتزنها على لفظها في الأصل ، فتقول مثالها البقبقة بمنزلة الصلصلة والقلقلة ؟ فقال : بل أزنها على ما صارت إليه ، وأترك ما كانت قبل عليه ، فأقول : الفعللة . قال : وهو كما ذكر ، وبه انعقاد هذا الباب . وقال أيضا : إذا قلت بأبي أنت ، فالباء في أول الاسم حرف جر بمنزلة اللام في قولك : لله أنت ، فإذا اشتققت منه فعلا اشتقاقا صوتيا استحال ذلك التقدير فقلت : بأبأت به بئباء ، وقد أكثرت من البأبأة ، فالباء الآن في لفظ الأصل ، وإن كان قد علم أنها فيما اشتقت منه زائدة للجر ; وعلى هذا منها البأب ، فصار فعلا من باب سلس وقلق ; قال :


                                                          يا بأبي أنت     ويا فوق البأب



                                                          فالبأب الآن بمنزلة الضلع والعنب . وبأبئوه : أظهروا لطافة ; قال :


                                                          إذا ما القبائل بأبأننا     فماذا نرجي ببئبائها ؟



                                                          وكذلك تبأبئوا عليه . والبأباء ، ممدود : ترقيص المرأة ولدها . والبأباء : زجر السنور ، وهو الغس ; وأنشد ابن الأعرابي لرجل في الخيل :


                                                          وهن أهل ما يتمازين     وهن أهل ما يبأبين



                                                          أي يقال لها : بأبي فرسي نجاني من كذا ; وما فيهما صلة معناه أنهن ، يعني الخيل ، أهل للمناغاة بهذا الكلام كما يرقص الصبي ، وقوله يتمازين أي يتفاضلن . وبأبأ الفحل ، وهو ترجيع الباء في هديره . وبأبأ الرجل : أسرع . وبأبأنا أي أسرعنا . وتبأبأت تبأبؤا إذا عدوت . والبؤبؤ : السيد الظريف الخفيف . قال الجوهري : والبؤبؤ : الأصل ، وقيل الأصل الكريم أو الخسيس . وقال شمر : بؤبؤ الرجل : أصله . وقال أبو عمرو : البؤبؤ : العالم المعلم . وفي المحكم : العالم مثل السرسور يقال : فلان في بؤبؤ الكرم . ويقال : البؤبؤ إنسان العين . وفي التهذيب : البؤبؤ : عير العين . وقال ابن خالويه : البؤبؤ بلا مد على مثال الفلفل . قال : البؤبؤ : بؤبؤ العين ، وأنشد شاهدا على البؤبؤ بمعنى السيد قول الراجز في صفة امرأة :


                                                          قد فاقت البؤبؤ البؤيبيه     والجلد منها غرقيء القويقيه



                                                          الغرقيء : قشر البيضة . والقويقية : كناية عن البيضة . قال ابن خالويه : البؤبؤ ، بغير مد : السيد ، والبؤيبية : السيدة ، وأنشد لجرير :


                                                          في بؤبؤ المجد وبحبوح الكرم



                                                          وأما القالي فإنه أنشده :


                                                          في ضئضئ المجد وبؤبوء الكرم



                                                          وقال : وكذا رأيته في شعر جرير ; قال وعلى هذه الرواية ; مع ما ذكره الجوهري من كونه مثال سرسور . قال وكأنهما لغتان ، التهذيب ، وأنشد ابن السكيت :


                                                          ولكن يبأبئه بؤبؤ     وبئباؤه حجأ أحجؤه



                                                          قال ابن السكيت : يبأبئه : يفديه ، بؤبؤ : سيد كريم ، بئباؤه : تفديته ، وحجأ : أي فرح ، أحجؤه : أفرح به . ويقال فلان في بؤبؤ صدق أي أصل صدق ، وقال :


                                                          أنا في بؤبؤ صدق     نعم ، وفي أكرم أصل



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية