الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان قدر المستحق فينظر إن رده من مسيرة ثلاثة أيام فصاعدا فله أربعون درهما لما روينا من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وإن رده دون ذلك فبحسابه وإن رده من أقصى المصر رضخ له على قدر عنائه وتعبه ; لأن الواجب بمقابلة العمل فيتقدر بقدره إلا أن الزيادة على مدة السفر سقط اعتبارها بالشرع فيبقى الواجب في المدة بمقابلة العمل فيزداد بزيادته وينقص بنقصانه هذا إذا كانت قيمة العبد أكثر من الجعل ، فإن كانت مثل الجعل أو أنقص منه ينقص من قيمته درهم عند أبي حنيفة ومحمد .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف : له الجعل تاما ، وإن كانت قيمة العبد درهما واحدا واحتج بما روينا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال من كل رأس أربعين درهما اعتبر الرأس دون القيمة ( وجه ) قولهما أن الواجب معلول بمعنى الصيانة عن الضياع لما ذكرنا ، ولا فائدة في هذه الصيانة لو اعتبرنا الرأس دون القيمة ; لأنه إن كان يصان من وجه يضيع من وجه آخر فلا فرق بين الضياع بترك الأخذ والإمساك وبين الضياع بالجعل فلا بد أن ينقص من قيمته درهم ليكون الصون بالأخذ مفيدا ، والحديث محمول على ما إذا كانت قيمة كل رأس أكثر من أربعين درهما توفيقا بين الدلائل بقدر الإمكان والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية