الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                              [ ص: 502 ] سورة المزمل

                                                                                                                                                                                              قوله تعالى: إن لدينا أنكالا وجحيما (12) وطعاما ذا غصة وعذابا أليما

                                                                                                                                                                                              قال الله تعالى: إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما وقال: ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع

                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: وطعاما ذا غصة قال: شوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج .

                                                                                                                                                                                              وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: من ضريع قال: شجر في جهنم . وقال مجاهد : الضريع: الشبرق اليابس . وروى أيضا عن عكرمة وقتادة ، ورواه العوفي عن ابن عباس : الشبرق: نبت ذو شوك لاطئ بالأرض، فإذا هاج سمي ضريعا . وقال قتادة : من أضرع الطعام وأبشعه .

                                                                                                                                                                                              وعن سعيد بن جبير في قوله: من ضريع قال: من حجارة، وعنه قال: الزقوم .

                                                                                                                                                                                              وعن أبي الحواري قال: الضريع: السلى شوك النخل، وكيف يسمن شوك النخل . وخرج الترمذي من حديث أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يلقى على أهل [ ص: 503 ] النار الجوع، فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون، فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب، فيدفع إليهم الحميم كلاليب الحديد، فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم، فإذا وصلت بطونهم قطعت ما في بطونهم . . " وذكر بقية الحديث . وقد روي الحديث موقوفا على أبي الدرداء . وقيل: وقفه أشبه .

                                                                                                                                                                                              وقال سبحانه وتعالى: فليس له اليوم ها هنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون روى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس من غسلين، قال: هو صديد أهل النار، وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس : الغسلين: الدم والماء يسيل من لحومهم وهو طعامهم .

                                                                                                                                                                                              وعن مقاتل ، قال: إذا سال القيح والدم بادروا إلى أكله قبل أن تأكله النار .

                                                                                                                                                                                              وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس : الغسلين: شجرة في جهنم، وعن الضحاك مثله . وروى خصيف عن مجاهد عن ابن عباس ، قال: ما أدري ما الغسلين . ولكني أظنه الزقوم .

                                                                                                                                                                                              وقال أبو هلال عن قتادة : هو طعام من طعام جهنم من شر طعامهم .

                                                                                                                                                                                              وقال يحيى بن سلام : هو غسالة أجوافهم .

                                                                                                                                                                                              قال ابن قتيبة : هو فعلين من غسلت، كأنه الغسالة .

                                                                                                                                                                                              قال شريح بن عبيد، قال كعب : يقول لو دلي من غسلين دلو واحد في [ ص: 504 ] مطلع الشمس لغلت منه جماجم قوم في مغربها . خرجه أبو نعيم .

                                                                                                                                                                                              وقد روي أن بعض أهل النار يأكل لحمه، وسنذكر الحديث في ذلك فيما بعد إن شاء الله . وقال الله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا

                                                                                                                                                                                              وقد روي في حديث: "إن أكلة الربا يبعثون تتأجج أفواههم نارا" ثم تلا هذه الآية . خرجه ابن حبان في "صحيحه " من حديث أبي برزة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية