الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الهجرة

                                                                                                          1590 حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا زياد بن عبد الله حدثنا منصور بن المعتمر عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا قال وفي الباب عن أبي سعيد وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن حبشي قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد رواه سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر نحو هذا [ ص: 178 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 178 ] قوله : ( لا هجرة بعد الفتح ) أي فتح مكة . قال الخطابي وغيره : كانت الهجرة فرضا في أول الإسلام على من أسلم لقلة المسلمين بالمدينة وحاجتهم إلى الاجتماع ، فلما فتح الله مكة دخل الناس في دين الله أفواجا فسقط فرض الهجرة إلى المدينة ، وبقي فرض الجهاد والنية على من قام به أو نزل به عدو انتهى . وكانت الحكمة أيضا في وجوب الهجرة على من أسلم ليسلم من أذى ذويه من الكفار ، فإنهم كانوا يعذبون من أسلم منهم ، إلى أن يرجع عن دينه ، وفيهم نزلت إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها الآية ، وهذه الهجرة باقية الحكم في حق من أسلم في دار الكفر وقدر على الخروج منها .

                                                                                                          وقد روى النسائي من طريق بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده مرفوعا : لا يقبل الله من مشرك عملا بعدما أسلم ويفارق المشركين . ولأبي داود من حديث سمرة مرفوعا : أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين . وهذا محمول على من لم يأمن على دينه ( ولكن جهاد ونية ) قال الطيبي وغيره : هذا الاستدراك يقتضي مخالفة حكم ما بعده لما قبله ، والمعنى أن الهجرة التي هي مفارقة الوطن التي كانت مطلوبة على الأعيان إلى المدينة انقطعت ، إلا أن المفارقة بسبب الجهاد باقية ، وكذلك المفارقة بسبب نية صالحة كالفرار من دار الكفر والخروج في طلب العلم ، والفرار بالدين من الفتن ، والنية في جميع ذلك ( وإذا استنفرتم فانفروا ) قال النووي : يريد أن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة يمكن تحصيله بالجهاد والنية الصالحة ، وإذا أمركم الإمام بالخروج إلى الجهاد ونحوه من الأعمال الصالحة فاخرجوا إليه .

                                                                                                          [ ص: 179 ] قوله : ( وفي الباب عن أبي سعيد وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن حبشي ) وأما حديث هؤلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم فلينظر من أخرجها .

                                                                                                          قوله : ( وهذا حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا ابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية