الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 243 ] سورة يس

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      آ . (1) قرأ العامة " يس " بسكون النون . وأظهر النون عند الواو بعدها ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وحفص وقالون وورش بخلاف عنه ، وكذلك النون من ن والقلم وأدغمهما الباقون . فمن أدغم فللخفة ، ولأنه لما وصل والتقى متقاربان من كلمتين أولهما ساكن وجب الإدغام . ومن أظهر فللمبالغة في تفكيك هذه الحروف بعضها من بعض لأنه بنية الوقف ، وهذا أجرى على القياس في الحروف المقطعة ولذلك التقى فيها الساكنان وصلا ، ونقل إليها حركة همزة الوصل على رأي نحو : "ألف لام ميم الله" كما تقدم تقريره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأمال الياء من "يس" الأخوان وأبو بكر لأنها اسم من الأسماء كما تقدم تقريره أول البقرة . قال الفارسي : " وإذا أمالوا " يا " وهي حرف نداء فلأن [ ص: 244 ] يميلوا " يا " من يس أجدر " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ عيسى وابن أبي إسحاق بفتح النون : إما على البناء على الفتح تخفيفا كأين وكيف ، وإما على أنه مفعول بـ " اتل " ، وإما على أنه مجرور بحرف القسم . وهو على الوجهين غير منصرف للعلمية والتأنيث . ويجوز أن يكون منصوبا على إسقاط حرف القسم ، كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3774 - ... ... ... ... فذاك أمانة الله الثريد



                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الكلبي بضم النون . فقيل : على أنها خبر مبتدأ مضمر أي : هذه يس ، ومنعت من الصرف لما تقدم . وقيل : بل هي حركة بناء كـ حيث فيجوز أن يكون خبرا كما تقدم ، وأن يكون مقسما بها نحو : " عهد الله لأفعلن " . وقيل : لأنها منادى فبنيت على الضم ; ولهذا فسرها الكلبي القارئ لها بـ " يا إنسان " قال : " وهي لغة طيئ " . قال الزمخشري : " إن صح معناه فوجهه أن يكون أصله يا أنيسين فكثر النداء به على ألسنتهم ، حتى اقتصروا على شطره ، كما قالوا في القسم : م الله في " ايمن الله " . قال الشيخ : " والذي نقل عن العرب في تصغير إنسان : أنيسيان بياء بعدها ألف فدل على أن أصله إنسيان ; لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها ، ولا نعلم أنهم قالوا في تصغيره : أنيسين . وعلى تقدير أنه يصغر كذلك فلا يجوز ذلك ، إلا أن يبنى [ ص: 245 ] على الضم ; لأنه منادى مقبل عليه ومع ذلك فلا يجوز لأنه تحقير ، ويمتنع ذلك في حق النبوة " . قلت : أما الاعتراض الأخير فصحيح نصوا على أن التصغير لا يدخل في الأسماء المعظمة شرعا . ولذلك يحكى أن ابن قتيبة لما قال في المهيمن : إنه مصغر من مؤمن ، والأصل مؤيمن ، فأبدلت الهمزة هاء . قيل له : هذا يقرب من الكفر فليتق الله قائله . وقد تقدمت هذه الحكاية في المائدة مطولة وما قيل فيها . وقد تقدم للزمخشري في طه ما يقرب من هذا البحث ، وتقدم للشيخ معه كلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا وأبو السمال " يسن " بكسر النون ، وذلك على أصل التقاء الساكنين . ولا يجوز أن تكون حركة إعراب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية