الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان ما يلزم الشاهد بتحمل الشهادة فالذي يلزمه أداء الشهادة لله سبحانه وتعالى فيما سوى أسباب الحدود ، لقوله تعالى { وأقيموا الشهادة لله } ، وقوله عز شأنه { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } إلا أن في الشهادة القائمة على حقوق العباد وأسبابها لا بد من طلب المشهود له لوجوب الأداء ، فإذا طلب وجب عليه الأداء ، حتى لو امتنع بعد الطلب يأثم لقوله تعالى { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } أي دعوا لأداء الشهادة ; لأن الشهادة أمانة المشهود له في ذمة الشاهد .

                                                                                                                                وقال سبحانه وتعالى { فليؤد الذي اؤتمن أمانته } وقال تعالى جل شأنه { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } وأما في حقوق الله تبارك وتعالى ، وفيما سوى أسباب الحدود ، نحو طلاق امرأة وإعتاق عبد ، والظهار والإيلاء ونحوها من أسباب الحرمات تلزمه الإقامة حسبة لله تبارك وتعالى عند الحاجة إلى الإقامة من غير طلب من أحد من العباد .

                                                                                                                                وأما في أسباب الحدود من الزنا والسرقة وشرب الخمر والقذف فهو مخير بين أن يشهد حسبة لله تعالى ، وبين أن يستر ; لأن كل واحد منهما أمر مندوب إليه ، قال الله تبارك وتعالى { وأقيموا الشهادة لله } ، وقال عليه الصلاة والسلام { من ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة } وقد ندبه الشرع إلى كل واحد منهما ، إن شاء اختار جهة الحسبة فأقامها لله تعالى ، وإن شاء اختار جهة الستر فيستر على أخيه المسلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية