الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ بتر ]

                                                          بتر : البتر : استئصال الشيء قطعا . غيره : البتر قطع الذنب ونحوه إذا استأصله . بترت الشيء بترا : قطعته قبل الإتمام . والانبتار : الانقطاع . وفي حديث الضحايا : أنه نهى عن المبتورة ، وهي التي قطع ذنبها . قال ابن سيده : وقيل كل قطع بتر ; بتره يبتره بترا فانبتر وتبتر . وسيف باتر وبتور وبتار : قطاع . والباتر : السيف القاطع . والأبتر : المقطوع الذنب من أي موضع كان من جميع الدواب ; وقد أبتره فبتر ، وذنب أبتر . وتقول منه : بتر ، بالكسر ، يبتر بترا . وفي الحديث : أنه نهى عن البتيراء ; هو أن يوتر بركعة واحدة ، وقيل : هو الذي شرع في ركعتين فأتم الأولى وقطع الثانية : وفي حديث سعد : أنه أوتر بركعة ، فأنكر عليه ابن مسعود وقال : ما هذه البتراء ؟ وكل أمر انقطع من الخير أثره ، فهو أبتر . والأبتران : العير والعبد ، سميا أبترين لقلة خيرهما . وقد أبتره الله أي صيره أبتر . وخطبة بتراء إذا لم يذكر الله تعالى فيها ولا صلي على النبي - صلى الله عليه وسلم ; وخطب زياد خطبته البتراء : قيل لها البتراء لأنه لم يحمد الله تعالى فيها ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم . وفي الحديث : كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - درع يقال لها البتراء ، سميت بذلك لقصرها . والأبتر من الحيات : الذي يقال له الشيطان قصير الذنب لا يراه أحد إلا فر منه ، ولا تبصره حامل إلا أسقطت ، وإنما سمي بذلك لقصر ذنبه كأنه بتر منه . وفي الحديث : [ ص: 14 ] كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر ; أي أقطع . والبتر : القطع . والأبتر من عروض المتقارب : الرابع من المثمن ، كقوله :


                                                          خليلي ! عوجا على رسم دار خلت من سليمى ومن ميه



                                                          والثاني من المسدس ; كقوله :


                                                          تعفف ولا تبتئس     فما يقض يأتيكا



                                                          فقوله يه من ميه ، وقوله كا من يأتيكا ، كلاهما فل ، وإنما حكمهما فعولن ، فحذفت لن فبقي فعو ثم حذفت الواو وأسكنت العين فبقي فل ; وسمى قطرب البيت الرابع من المديد وهو قوله :


                                                          إنما الذلفاء ياقوتة     أخرجت من كيس دهقان



                                                          سماه أبتر . قال أبو إسحاق : وغلط قطرب ، وإنما الأبتر في المتقارب ، فأما هذا الذي سماه قطرب الأبتر فإنما هو المقطوع ، وهو مذكور في موضعه . والأبتر : الذي لا عقب له ; وبه فسر قوله تعالى : إن شانئك هو الأبتر ; نزلت في العاصي بن وائل وكان دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس ، فقال : هذا الأبتر ، أي : هذا الذي لا عقب له ، فقال الله - جل ثناؤه : إن شانئك يا محمد هو الأبتر أي المنقطع العقب ; وجائز أن يكون هو المنقطع عنه كل خير . وفي حديث ابن عباس قال : لما قدم ابن الأشرف مكة قالت له قريش : أنت حبر أهل المدينة وسيدهم ؟ قال : نعم ، قالوا : ألا ترى هذا الصنيبر الأبيتر من قومه ؟ يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية ! قال : أنتم خير منه فأنزلت : إن شانئك هو الأبتر ، وأنزلت : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا . ابن الأثير : الأبتر المنبتر الذي لا ولد له ; قيل : لم يكن يومئذ ولد له ، قال : وفيه نظر لأنه ولد له قبل البعث والوحي إلا أن يكون أراد لم يعش له ولد ذكر . والأبتر : المعدم . والأبتر : الخاسر . والأبتر : الذي لا عروة له من المزاد والدلاء . وتبتر لحمه : انمار . وبتر رحمه يبترها بترا : قطعها . والأباتر - بالضم : الذي يبتر رحمه ويقطعها ; قال أبو الربيس المازني واسمه عباد بن طهفة يهجو أبا حصن السلمي :


                                                          لئيم نزت في أنفه خنزوانة     على قطع ذي القربى أحذ أباتر



                                                          قال ابن بري : كذا أورده الجوهري والمشهور في شعره :


                                                          شديد وكاء البطن ضب ضغينة



                                                          وسنذكره هنا . وقيل : الأباتر القصير كأنه بتر عن التمام ; وقيل : الأباتر الذي لا نسل له ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          شديد وكاء البطن ضب ضغينة     على قطع ذي القربى أحذ أباتر



                                                          قال : أباتر يسرع في بتر ما بينه وبين صديقه . وأبتر الرجل إذا أعطى ومنع . والحجة البتراء : النافذة ; عن ثعلب . والبتيراء : الشمس . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - وسئل عن صلاة الأضحى أو الضحى فقال : حين تبهر البتيراء الأرض ; أراد حين تنبسط الشمس على وجه الأرض وترتفع . وأبتر الرجل : صلى الضحى ، وهو من ذلك . وفي التهذيب : أبتر الرجل إذا صلى الضحى حين تقضب الشمس ، وتقضب الشمس أي تخرج شعاعها كالقضبان . ابن الأعرابي : البتيرة تصغير البترة ، وهي الأتان . والبترية : فرقة من الزيدية نسبوا إلى المغيرة بن سعد ولقبه الأبتر . والبتر والبتراء والأباتر : مواضع ; قال القتال الكلابي :


                                                          عفا النبت بعدي فالعريشان فالبتر



                                                          قال الراعي :


                                                          تركن رجال العنظوان تنوبهم     ضباع خفاف من وراء الأباتر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية