الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              جماع أبواب بعض الأمور الكائنة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              الباب الأول في تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة

                                                                                                                                                                                                                              عن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهما أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحي إليه فأراه الوضوء والصلاة ، فلما فرغ من الوضوء حثى حفنة من الماء فنضح بها فرجه .

                                                                                                                                                                                                                              رواه الإمام أحمد والدارقطني من طريق رشدين بن سعد وهو ضعيف ، عن عقيل عن قرة ، عن عروة ، عن أسامة . والحارث بن أبي أسامة ، والدارقطني من طريق ابن لهيعة وهو ضعيف ، عن عقيل ، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير ، عن أسامة بن زيد ، عن أبيه فذكره ، ورواه الطبراني في الأوسط عن عقيل عن الزهري به . فينظر فيمن دون عقيل فإن كانوا ثقات فالحديث سنده جيد .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه أبو نعيم من طريق النضر بن سلمة وهو ضعيف ، عن عائشة . ورواه أبو نعيم والبيهقي من طريق [يزيد بن رومان] عن عروة بن الزبير ، فذكر مجيء جبريل عليه السلام وحديث البعث ، وفي آخره : ففتح جبريل عينا من ماء فتوضأ ومحمد صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه وغسل رجليه إلى الكعبين ثم نضح فرجه وسجد سجدتين مواجهة البيت ففعل محمد كما رأى جبريل يفعل .

                                                                                                                                                                                                                              ورواه أبو نعيم من طريق [يزيد بن رومان] عن الزهري عن عروة عن عائشة .

                                                                                                                                                                                                                              وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا . ويدل على أن للقصة أصلا .

                                                                                                                                                                                                                              وقد ذكر القصة ابن إسحاق ورواه البلاذري عن الزهري وقتادة والكلبي ومحمد بن قيس قالوا : إن جبريل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة و اقرأ باسم ربك الذي خلق أتاه وهو بأعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت له منه عين فتوضأ جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ليريه كيف الطهور للصلاة ، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأى جبريل يتوضأ ، ثم أقام به جبريل فصلى به .

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث عائشة السابق أنه صلى به ركعتين نحو الكعبة واستقبل الحجر الأسود . انتهى . [ ص: 297 ]

                                                                                                                                                                                                                              وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته ، ثم انصرف جبريل فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فتوضأ لها يريها كيف الطهور للصلاة كما أراه جبريل ، فتوضأت كما توضأ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى لها كما صلى به جبريل ، فصلت بصلاته .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبيهقي وابن عبد البر عن إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت امرأ تاجرا فقدمت الحج في الجاهلية ، فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة فو الله إني لعنده بمنى إذ خرج رجل مجتمع من خباء قريب منه ، فنظر إلى الشمس فلما رآها مالت توضأ فأسبغ الوضوء ثم قام يصلي ، ثم خرج غلام قد راهق الحلم من ذلك الخباء فقام يصلي معه ، ثم لم ألبث إلا يسيرا حتى جاءت امرأة من ذلك الخباء فقامت خلفهما ، ثم ركع الشاب وركع الغلام وركعت المرأة ، ثم رفع الشاب ورفع الغلام ورفعت المرأة ، ثم خر الشاب ساجدا وخر الغلام وخرت المرأة فقلت للعباس : يا عباس ما هذا؟ قال : هذا محمد بن عبد المطلب ابن أخي . قلت : من هذه المرأة؟ قال : هذه امرأته خديجة بنت خويلد . فقلت : من هذا الفتى؟ قال : هذا علي بن أبي طالب ابن عمه قلت : فما هذا الذي يصنع؟ قال : يصلي ، يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى ، وهو يزعم أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر .

                                                                                                                                                                                                                              قال عفيف : فليتني كنت آمنت به يومئذ فكنت أكون ثانيا مع علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث يرد قول من قال : إن فرض الصلاة كانت بالغداة والعشي فقط .


                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية