الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
وقال: في (باب اختلاف الناس في الباري هل هو في مكان دون مكان؟ أم لا في مكان؟ أم في كل مكان؟ وهل تحمله الحملة؛ أو يحمله العرش، وهل هم ثمانية أملاك؟ أم ثمانية أصناف من الملائكة؟

اختلفوا على سبع عشرة مقالة: قد ذكرنا قول من امتنع من [ ص: 535 ] ذلك وقال إنه في كل مكان حال، وقول من قال: لا نهاية له. وأن هاتين الفرقتين أنكرتا القول بأنه في مكان دون مكان ).

قال: (وقال قائلون: هو "جسم" خارج من جميع صفات الجسم؛ ليس بطويل، ولا عريض، ولا عميق، ولا يوصف بطعم، ولا لون، ولا مجسة، ولا شيء من صفات الأجسام، وأنه ليس في الأشياء، ولا على العرش إلا على معنى أنه فوقه غير مماس له، وأنه فوق الأشياء، وفوق العرش، ليس بينه وبين الأشياء أكثر من أنه فوقها ).

قال- (وقال هشام بن الحكم: إن ربه تعالى في مكان دون مكان، وأن مكانه هو العرش، وأنه مماس للعرش، وأن العرش قد حواه وحده. وقال بعض أصحابه: إن الباري قد ملأ العرش، وأنه مماس له ). قال- (وقال بعض من ينتحل الحديث: إن العرش لم يمتلئ به، وأنه يقعد نبيه صلى الله عليه وسلم معه على [ ص: 536 ] العرش ).

قال- (وقال أهل السنة، وأصحاب الحديث ليس بجسم، ولا يشبه الأشياء، وأنه على العرش، كما قال: الرحمن على العرش استوى [طه: 5 ] ولا نقدم بين يدي الله تعالى في القول بل نقول استوى بلا كيف وأن له وجها؛ كما قال: ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن: 27 ] وأن له يدين كما قال: خلقت بيدي [ص: 75 ].

وأن له عينين، كما قال: تجري بأعيننا [القمر: 14 ]، وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته، كما قال تعالى: وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر: 22 ] وأنه ينزل إلى سماء الدنيا كما جاء في الحديث، ولم يقولوا شيئا إلا ما وجدوه في الكتاب أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقالت المعتزلة: إن الله استوى على عرشه بمعنى استولى. وقال بعض الناس الاستواء القعود والتمكن. [ ص: 537 ]

قال: (واختلف الناس [في حملة العرش ] ما الذي تحمل؟ قال قائلون: الحملة تحمل الباري تعالى، وأنه إذا غضب ثقل على كواهلهم وإذا رضي خف فيتبينون غضبه من رضاه، وأن العرش له أطيط إذا ثقل عليه كأطيط الرحل ) قال الأشعري -(وقال بعضهم: ليس يثقل الباري ولا يخف ولا تحمله الحملة ). قال: (وقال بعضهم: الحملة ثمانية أملاك، وقال بعضهم: ثمانية أصناف ) قال-: (وقال قائلون: إنه تعالى على العرش، وإنه بائن منه لا بعزلة وإشغال لمكان غيره، بل ببينونة ليست على العزلة والبينونة من صفات الذات ).

التالي السابق


الخدمات العلمية