الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( باب ) ( الضمان شغل ذمة أخرى بالحق ) ش قال المازري في شرح التلقين الحمالة في اللغة والكفالة والضمانة والزعامة كل ذلك بمعنى واحد ، فتقول العرب هذا كفيل وحميل وضمين وزعيم هذه الأسماء هي المشهورة ، وتقول العرب أيضا قبيل بمعنى ضمين ، ومفهوم قوله شغل ذمة أخرى بالحق ومفهوم قوله بعد بدين لازم أو آيل أنه لا يصح التحمل عن السفيه إلا بما يلزمه من ذلك وذلك أن ما أخذ السفيه أو اقترضه أو باع به شيئا من متاعه فلا يخلو إما أن يكون صرفه فيما لا بد منه أو فيما هو مستغنى عنه ، فالأول يرجع به على الراجح من القول ويصح ضمانه منه ، ويرجع عليه الضامن في ماله إذا أدى عنه ، وأما ما لا يلزم المحجور فلا يرجع به عليه فإن ضمنه فيه إنسان رشيد فهل يلزم الضامن غرم أم لا ؟ لا يخلو الضامن للمحجور والمضمون له المحجور بأن يعلما أنه محجور ، أو لا يعلما ، أو يعلم الضامن دون المضمون له ، أو يعلم المضمون له دون الضامن ففي الوجه الرابع لا يلزم الضامن شيء اتفاقا ، وفي الثالث يلزمه ما ضمن اتفاقا ، ويختلف في الوجهين الأولين فعند ابن القاسم يلزمه ، وعند ابن الماجشون لا يلزمه هذا ما حصله ابن رشد في نوازل أصبغ من كتاب الحمالة ولا شك أنه إذا ألزم الضامن غرم ما ضمن لا يرجع به على المحجور ومن هذا الباب لو ضمن المحجور شخصا لشخص آخر ثم ضمن المحجور الضامن شخص آخر رشيد فضمان المحجور لا يلزمه شيء وهل يرجع رب الحق على الرشيد الذي ضمن له المحجور أو لا يأتي التفصيل المتقدم ( قلت ) : وهذا يشكل على قولهم إذا برئ الأصيل برئ الضامن إلا أن يقال : لما ضمن ما عليه فكأنه متبرع بذلك الحق وذكر اللخمي خلافا آخر ونقله عنه القرافي ونص كلام اللخمي في باب الحمالة من تبصرته : الكفالة على المولى عليه على ستة أوجه تلزم في ثلاثة وتسقط في اثنين ويختلف في السادس ، فإن كانت الكفالة في أصل العقد والحامل والمتحمل له عالمان بأنه مولى عليه أو كان الحامل وحده عالما كانت الحمالة لازمة ، وإن كان المتحمل له عالما دون الحميل كانت الحمالة ساقطة ، وإن كانا يجهلان والكفالة بعد العقد كانت ساقطة أيضا ، وإن كان في أصل العقد وهما لا يعلمان أنه مولى عليه جرت على قولين فقال عبد الملك في كتاب محمد : الكفالة لازمة وعلى قول مالك لا يكون للحامل شيء وعلى هذا يجري الجواب [ ص: 97 ] في الحمالة عن الصبي ينظر هل كانت في أصل العقد ، أو بعده وهل يجهلان أن مبايعة الصبي ساقطة أم لا ، أو كان أحدهما مما يعلم والآخر يجهل ، وإن كانت تلك المداينة والمطالبة مما يلزم السفيه ، أو الصبي ; لأنها كانت في غير مغابنة وصرفاها فيما لا بد لهما منه من نفقة ، أو كسوة ، أو إصلاح متاع ، أو عقار جريا على حكم البالغ ، أو الرشيد انتهى مختصرا ، وانظر ما في النوادر ، وانظر ابن فرحون في شرح ابن الحاجب والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية