الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 152 ] القاعدة التاسعة والسبعون ) : الزرع النابت في أرض الغير بغير إذن صحيح أقسام : القسم الأول أن يزرع عدوانا محضا غير مستند إلى إذن بالكلية ، وهو زرع الغاصب فالمذهب أن المالك إن أدركه نابتا في الأرض فله تملكه بنفقته أو بقيمته على اختلاف الروايتين ، وإن أدركه قد حصد فلا حق له فيه ، ونقل حرب عن أحمد أن له تملكه أيضا ، ووهم أبو حفص العكبري ناقلها على أن من الأصحاب من رجحها بناء على أن الزرع نبت على ملك مالك الأرض ابتداء والمعروف في المذهب خلافه والمعتمد عند الأصحاب في المسألة هو حديث رافع بن خديج ، وقد احتج به أحمد تارة ، وقال تارة ما أراه محفوظا وذكر فيه حديثا آخر مرسلا من مراسيل الحسن بن محمد ابن الحنفية ، وقال هو شيء لا يوافق القياس وفرق بين زرع الغاصب وغرسه حيث يقلع غرسه كما دل عليه قوله { ليس لعرق ظالم حق } فإن الزرع يتلف بالقلع فقلعه فساد بخلاف الغرس ومن الأصحاب من قرر موافقته للقياس بأن المتولد بين أبوين مملوكين من الآدميين يكون ملكا لمالك الأم دون مالك الأب بالاتفاق مع كونه مخلوقا من مائهما وبطون الأمهات بمنزلة الأرض وماء الفحول بمنزلة البذر ، ولهذا سمى النساء حرثا { ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من سقى ماءه زرع غيره } فجعل الولد زرعا وهو لمالك أمه وسر ذلك أن الحيوان ينعقد من الماءين ثم وأدخلني من دم المرأة فأكثر أجزائه مخلوقة من الأم كذلك البذر ينحل في الأرض وينعقد الزرع من التربة والحبة ثم يتغذى من الأرض ومائها وهوائها فتصير أكثر أجزائه من الأرض وإنما خير مالك الأرض بين تملكه وبين أخذ الأجرة لأنه قابل لاستيفائه بعقد الإجارة بخلاف الإيلاد وجبر حق صاحب البذر بإعطائه قيمة بذره ونفقة عمله حيث كان متقوما بخلاف ما يخلق منه الولد فإنه لا قيمة له فلذلك لم يجب لأحد الأبوين شيء وهذا مطرد في جميع المتولدات بين شيئين في الحيوان والنبات والمعدن حتى لو ألقى رجل في أرض رجل شيئا مما تنبت المعادن لكان الخارج منه لرب الأرض كالنتاج والزرع وهذه الطريقة سلكها القاضي في خلافه وابن عقيل والشيخ تقي الدين وهذا ملخص من كلامه

التالي السابق


الخدمات العلمية