الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
فهذا الكلام من الإمام أبي عبد الله أحمد رحمه الله يبين أنه نفى أن العباد يحدون الله تعالى أو صفاته بحد، أو يقدرون ذلك بقدر، أو أن يبلغوا إلى أن يصفوا ذلك؛ وذلك لا ينافي ما تقدم من إثبات أنه في نفسه له حد يعلمه هو لا يعلمه غيره، أو أنه هو يصف نفسه. وهكذا كلام سائر أئمة السلف يثبتون الحقائق وينفون علم العباد بكنهها كما ذكرنا من كلامهم في [ ص: 629 ] غير هذا الموضع ما يبين ذلك.

وأصحاب الإمام أحمد منهم من ظن أن هذين الكلامين يتناقضان فحكى عنه في إثبات الحد لله تعالى روايتين، وهذه طريقة الروايتين والوجهين. ومنهم من نفى الحد عن ذاته تعالى ونفى علم العباد به كما ظنه موجب ما نقله حنبل، وتأول ما نقله المروذي والأثرم وأبو داود وغيرهم من إثبات الحد له على أن المراد إثبات حد للعرش. ومنهم من قرر الأمر كما يدل عليه الكلامان، أو تأول نفي الحد بمعنى آخر، والنفي هو طريقة القاضي أبي يعلى أولا في "المعتمد" وغيره، فإنه كان ينفي الحد والجهة، وهو قوله الأول، قال: (فصل: وقد وصف الله نفسه بالاستواء على العرش... ).

[ ص: 630 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية