الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سأر ]

                                                          سأر : السؤر : بقية الشيء وجمعه أسآر ، وسؤر الفأرة وغيرها ؛ وقوله أنشده يعقوب في المقلوب :


                                                          إنا لنضرب جعفرا بسيوفنا ضرب الغريبة تركب الآسارا



                                                          أراد الأسآر فقلب ، ونظيره الآبار والآرام في جمع بئر ورئم . وأسأر منه شيئا : أبقى . وفي الحديث : إذا شربتم فأسئروا ؛ أي أبقوا شيئا من الشراب في قعر الإناء ، والنعت منه سأآر على غير قياس لأن قياسه مسئر ، الجوهري : ونظيره أجبره فهو جبار . وفي حديث الفضل بن عباس : لا أوثر بسؤرك أحدا أي لا أتركه لأحد غيري ؛ ومنه الحديث : فما أسأروا منه شيئا ويستعمل في الطعام والشراب وغيرهما . ورجل سأآر يسئر في الإناء من الشراب وهو أحد ما جاء من أفعل على فعال ؛ وروى بعضهم بيت الأخطل :


                                                          وشارب مربح بالكأس نادمني     لا بالحصور ولا فيها بسأآر



                                                          بوزن سعار ، بالهمز . معناه أنه لا يسئر في الإناء سؤرا بل يشتفه كله ، والرواية المشهورة : بسوار أي بمعربد وثاب ، من سار إذا وثب وثب المعربد على من يشاربه ؛ الجوهري : وإنما أدخل الباء في الخبر لأنه ذهب بلا مذهب ليس لمضارعته له في النفي . قال الأزهري : ويجوز أن يكون سأآر من سأرت ومن أسأرت كأنه رد في الأصل ، كما قالوا دراك من أدركت وجبار من أجبرت ؛ قال ذو الرمة :


                                                          صدرن بما أسأرت من ماء مقفر     صرى ليس من أعطانه غير حائل



                                                          يعني قطا وردت بقية ما أسأره في الحوض فشربت منه . الليث : يقال أسأر فلان من طعامه وشرابه سؤرا وذلك إذا أبقى بقية ؛ قال : وبقية كل شيء سؤره . ويقال للمرأة التي قد جاوزت عنفوان شبابها وفيها بقية : إن فيها لسؤرة ؛ ومنه قول حميد بن ثور :


                                                          إزاء معاش ما يحل إزارها     من الكيس فيها سؤرة وهي قاعد



                                                          أراد بقوله وهي قاعد قعودها عن الحيض لأنها أسنت . وتسأر النبيذ : شرب سؤره وبقاياه ؛ عن اللحياني : وأسأر من حسابه : أفضل . وفيه سؤرة أي بقية شباب ؛ وقد روي بيت الهلالي :


                                                          إزاء معاش لا يزال نطاقها     شديدا ، وفيها سؤرة ، وهي قاعد



                                                          التهذيب : وأما قوله : وسائر الناس همج فإن أهل اللغة اتفقوا على أن معنى " سائر " في أمثال هذا الموضع بمعنى الباقي ، من قولك : أسأرت سؤرا وسؤرة إذا أفضلتها وأبقيتها . والسائر : الباقي ، وكأنه من سأر يسأر فهو سائر . قال : ابن الأعرابي فيما روى عنه أبو العباس : يقال سأر وأسأر إذا أفضل ، فهو سائر ؛ جعل سأر وأسأر واقعين ثم قال : وهو سائر . قال : قال فلا أدري أراد بالسائر المسئر . وفي الحديث : فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ؛ أي باقيه ؛ والسائر ، مهموز : الباقي ؛ قال ابن الأثير : والناس يستعملونه في معنى الجميع وليس بصحيح ؛ وتكررت هذه اللفظة في الحديث وكله بمعنى باقي الشيء ، والباقي : الفاضل . ومن همز السؤرة من سور القرآن جعلها بمعنى بقية من القرآن وقطعة . والسؤرة من المال : جيده ، وجمعه سؤر . والسورة من القرآن : يجوز أن تكون من سؤرة المال ، ترك همزه لما كثر في الكلام .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية