الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سبد ]

                                                          سبد : السبد : ما يطلع من رءوس النبات قبل أن ينتشر ، والجمع أسباد ؛ قال الطرماح :


                                                          أو كأسباد النصية لم تجتدل في حاجر مستنام



                                                          وقد سبد النبات ، يقال : بأرض بني فلان أسباد أي بقايا من نبت ، واحدها سبد ؛ وقال لبيد :


                                                          سبدا من التنوم يخبطه الندى     ونوادرا من حنظل خطبان



                                                          وقال غيره : أسبد النصي إسبادا ، وتسبد تسبدا إذا نبت منه شيء حديث فيما قدم منه ؛ وأنشد بيت الطرماح ، وفسره فقال : قال : أبو سعيد : إسباد النصية سنمتها وتسميها العرب الفوران لأنها تفور ؛ قال أبو عمرو : أسباد النصي رءوسه أول ما يطلع ، جمع سبد ؛ قال الطرماح يصف قدحا فائزا :


                                                          مجرب بالرهان مستلب     خصل الجواري ، طرائف سبده



                                                          أراد أنه مستطرف فوزه وكسبه . والسبد : الشؤم ؛ حكاه الليث عن أبي الدقيش في قوله :


                                                          امرؤ القيس بن أروى موليا     إن رآني لأبوأن بسبد
                                                          قلت : بحرا ! قلت : قولا كاذبا     إنما يمنعني سيفي ويد



                                                          والسبد : الوبر ، وقيل : الشعر . والعرب تقول : ما له سبد ولا لبد أي ما له ذو وبر ولا صوف متلبد ، يكنى بهما عن الإبل والغنم ؛ وقيل : يكنى به عن المعز والضأن ؛ وقيل : يكنى به عن الإبل والمعز ، فالوبر للإبل والشعر للمعز ؛ وقال الأصمعي : ما له سبد ولا لبد أي ما له قليل ولا كثير ، وقال غير الأصمعي : السبد من الشعر واللبد من الصوف ، وبهذا الحديث سمي المال سبدا ، والسبود : الشعر . وسبد شعره : استأصله حتى ألزقه بالجلد وأعفاه جميعا ، فهو ضد ؛ وقوله :


                                                          بأنا وقعنا من وليد ورهطه     خلافهم في أم فأر مسبد



                                                          عنى بأم فأر : الداهية ، ويقال لها : أم أدراص . والدرص يقع على ابن الكلبة والذئبة والهرة والجرذ واليربوع فلم يستقم له الوزن ؛ وهذا كقوله :


                                                          عرق السقاء على القعود اللاغب



                                                          أراد عرق القربة فلم يستقم له . وقوله مسبد إفراط في القول وغلو كقول الآخر :


                                                          ونحن كشفنا من معاوية التي     هي الأم ، تغشى كل فرخ منقنق



                                                          عنى الدماغ لأن الدماغ يقال لها فرخ ، وجعله منقنقا على الغلو . والتسبيد : أن ينبت الشعر بعد أيام . وقيل : سبد الشعر إذا نبت بعد الحلق فبدا سواده . والتسبيد : التشعيث . والتسبيد : طلوع الزغب ؛ قال الراعي :


                                                          لظل قطامي وتحت لبانه     نواهض ربد ، ذات ريش مسبد



                                                          وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه ذكر الخوارج فقال : التسبيد فيهم فاش . قال أبو عبيد : سألت أبا عبيدة عن التسبيد فقال : هو ترك التدهن وغسل الرأس ؛ وقال غيره : هو الحلق واستئصال الشعر ؛ وقال أبو عبيد : وقد يكون الأمران جميعا وفي حديث آخر : سيماهم التحليق والتسبيد . وسبد الفرخ إذا بدا ريشه وشوك ؛ وقال النابغة الذبياني في قصر الشعر :


                                                          منهرت الشدق لم تنبت قوادمه     في حاجب العين ، من تسبيده ، زبب



                                                          يصف فرخ قطاة حمم وعنى بتسبيده طلوع زغبه . والمنهرت : الواسع الشدق . وقوادمه : أوائل ريش جناحه ، والزبب كثرة الزغب ، قال : وقد روي في الحديث ما يثبت قول أبي عبيدة ؛ روي عن ابن عباس أنه قدم مكة مسبدا رأسه فأتى الحجر فقبله ؛ قال أبو عبيد : فالتسبيد هاهنا ترك التدهن والغسل ، وبعضهم يقول : التسميد ، بالميم ، ومعناهما واحد ؛ وقال غيره : سبد شعره وسمد إذا نبت بعد الحلق حتى يظهر . وقال أبو تراب : سمعت سليمان بن المغيرة يقول : سبد الرجل شعره إذا سرحه وبله وتركه ، قال : لا يسبد ولكنه يسبد وقال أبو عبيد : سبد شعره وسمده إذا استأصله حتى ألحقه بالجلد . قال : وسبد شعره إذا حلقه ثم نبت منه الشيء اليسير . وقال أبو عمرو : سبد شعره وسبده وأسبده وسبته وأسبته وسبته إذا حلقه . والسبد : طائر إذا قطر على ظهره قطرة من ماء جرى ؛ وقيل : هو طائر لين الريش إذا قطر الماء على ظهره جرى من فوقه للينه ؛ قال الراجز :


                                                          أكل يوم عرشها مقيلي     حتى ترى المئزر ذا الفضول
                                                          مثل جناح السبد الغسيل



                                                          والعرب تشبه الفرس به إذا عرق ؛ وقيل : السبد طائر مثل العقاب ؛ وقيل : هو ذكر العقبان ، وإياه عنى ساعدة بقوله :

                                                          [ ص: 108 ]

                                                          كأن شئونه لبات بدن     غداة الوبل ، أو سبد غسيل



                                                          وجمعه سبدان ، وحكى أبو منجوف عن الأصمعي قال : السبد هو الخطاف البري ، وقال أبو نصر : هو مثل الخطاف إذا أصابه الماء جرى عنه سريعا ، يعني الماء ؛ وقال طفيل الغنوي :


                                                          تقريبه المرطى والجوز معتدل     كأنه سبد بالماء مغسول



                                                          المرطى : ضرب من العدو . والجوز الوسط ، والسبد ثوب يسد به الحوض المركو لئلا يتكدر الماء يفرش فيه وتسقى الإبل عليه وإياه عنى طفيل ، وقول الراجز يقوي ما قال الأصمعي :


                                                          حتى ترى المئزر ذا الفضول     مثل جناح السبد المغسول



                                                          والسبدة : العانة . والسبدة : الداهية . وإنه لسبد أسباد أي داه في اللصوصية . والسبندى والسبندى والسبنتى : النمر ، وقيل : الأسد ؛ وأنشد يعقوب :


                                                          قرم جواد من بني الجلندى     يمشي إلى الأقران كالسبندى



                                                          وقيل : السبندى الجريء من كل شيء ، هذلية ؛ قال الزفيان :


                                                          لما رأيت الظعن شالت تحدى     أتبعتهن أرحبيا معدا
                                                          أعيس جواب الضحى سبندى     يدرع الليل إذا ما اسودا



                                                          وقيل : هو الجريء من كل شيء على كل شيء ، وقيل : هي اللبوة الجريئة ، وقيل : هي الناقة الجريئة الصدر ، وكذلك الجمل ؛ قال :


                                                          على سبندى طالما اعتلى به



                                                          الأزهري في الرباعي : السبندى الجريء ، وفي لغة هذيل : الطويل ، وكل جرئ سبندى وسبنتى ، وقال أبو الهيثم : السبنتاة النمر ويوصف بها السبع ؛ وقول المعذل بن عبد الله :


                                                          من السح جوالا كأن غلامه     يصرف سبدا ، في العنان ، عمردا



                                                          ويروى سيدا ، قوله من السح يريد من الخيل التي تسح الجري أي تصب ، والعمرد : الطويل ؛ وظن بعضهم أن هذا البيت لجرير وليس له ، وبيت جرير هو قوله :


                                                          على سابح نهد يشبه بالضحى     إذا عاد فيه الركض سيدا عمردا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية