الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 81 ] سورة والنجم

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      آ. (1) قوله: إذا هوى : في العامل في هذا الظرف أوجه، وعلى كل فيها إشكال. أحد الأوجه: أنه منصوب بفعل القسم المحذوف تقديره: أقسم بالنجم وقت هويه، قاله أبو البقاء وغيره. وهو مشكل فإن فعل القسم إنشاء، والإنشاء حال، و"إذا" لما يستقبل من الزمان فكيف يتلاقيان؟ الثاني: أن العامل فيه مقدر على أنه حال من النجم أي: أقسم به حال كونه مستقرا في زمان هويه. وهو مشكل من وجهين، أحدهما: أن النجم جثة، والزمان لا يكون حالا عنها كما لا يكون خبرا عنها. والثاني: أن "إذا" للمستقبل فكيف يكون حالا؟ وقد أجيب عن الأول: بأن المراد بالنجم القطعة من القرآن، والقرآن قد نزل منجما في عشرين سنة. وهذا تفسير ابن عباس وغيره. وعن الثاني: بأنها حال مقدرة. الثالث: أن العامل فيه نفس النجم إذا أريد به القرآن، قاله أبو البقاء . وفيه نظر; لأن القرآن لا يعمل في الظرف إذا أريد به أنه اسم لهذا الكتاب المخصوص. وقد يقال: إن النجم بمعنى المنجم كأنه قيل: والقرآن المنجم في هذا الوقت. وهذا البحث وارد في مواضع منها [ ص: 82 ] والشمس وضحاها وما بعده، وقوله: والليل إذا يغشى ، والضحى والليل إذا سجى . وسيأتي في الشمس بحث أخص من هذا تقف عليه إن شاء الله تعالى. وقيل: المراد بالنجم هنا الجنس وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      4121 - فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها



                                                                                                                                                                                                                                      أي: تعد النجوم، وقيل: بل المراد نجم معين. فقيل: الثريا. وقيل: الشعرى لذكرها في قوله: وأنه هو رب الشعرى . وقيل: الزهرة لأنها كانت تعبد. والصحيح أنها الثريا، لأن هذا صار علما بالغلبة. ومنه قول العرب: "إذا طلع النجم عشاء ابتغى الراعي كساء". وقالوا أيضا: "طلع النجم غدية فابتغى الراعي كسية". وهوى يهوي هويا أي: سقط من علو، وهوي يهوى هوى أي: صبا. وقال الراغب : "الهوي سقوط من علو". ثم قال: والهوي: ذهاب في انحدار. والهوى: ذهاب في ارتفاع وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      4122 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     يهوي مخارمها هوي الأجدل



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 83 ] وقيل: هوى في اللغة خرق الهوى، ومقصده السفل، أو مصيره إليه وإن لم يقصده. قال:


                                                                                                                                                                                                                                      4123 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     هوي الدلو أسلمها الرشاء



                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم الكلام في هذا مشبعا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية