الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سدر ]

                                                          سدر : السدر : شجر النبق ، واحدتها سدرة وجمعها سدرات وسدرات وسدرات وسدر وسدور ، الأخيرة نادرة . وقال أبو حنيفة : قال ابن زياد : السدر من العضاه ، وهو لونان : فمنه عبري ، ومنه ضال ; فأما العبري فما لا شوك فيه إلا ما لا يضير ، وأما الضال فهو ذو شوك ، وللسدر ورقة عريضة مدورة ، وربما كانت السدرة محلالا ; قال ذو الرمة :


                                                          قطعت ، إذا تجوفت العواطي ضروب السدر عبريا وضالا



                                                          وقال : ونبق الضال صغار . وقال : وأجود نبق يعلم بأرض العرب نبق هجر في بقعة واحدة يسمى للسلطان ، هو أشد نبق يعلم حلاوة وأطيبه رائحة ، يفوح فم آكله وثياب ملابسه كما يفوح العطر . التهذيب : السدر اسم للجنس ، والواحدة سدرة . والسدر من الشجر . [ ص: 152 ] وسدران : أحدهما بري لا ينتفع بثمره ولا يصلح ورقه للغسول وربما خبط ورقها الراعية ، وثمره عفص لا يسوغ في الحلق ، والعرب تسميه الضال ، والسدر الثاني ينبت على الماء وثمره النبق وورقه غسول يشبه شجر العناب له سلاء كسلائه وورقه كورقه غير أن ثمر العناب أحمر حلو وثمر السدر أصفر مز يتفكه به . وفي الحديث : من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار ; قال ابن الأثير : قيل : أراد به سدر مكة لأنها حرم ، وقيل : سدر المدينة ، نهى عن قطعه ليكون أنسا وظلا لمن يهاجر إليها ، وقيل : أراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أبناء السبيل والحيوان أو في ملك إنسان فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق ، ومع هذا فالحديث مضطرب الرواية فإن أكثر ما يروى عن عروة بن الزبير ، وكان هو يقطع السدر ويتخذ منه أبوابا . قال هشام : وهذه أبواب من سدر قطعه أبي وأهل العلم مجمعون على إباحة قطعه . وسدر بصره سدرا فهو سدر : لم يكد يبصر . ويقال : سدر البعير ، بالكسر ، يسدر سدرا تحير من شدة الحر ، فهو سدر . ورجل سادر : غير متشتت ، والسادر : المتحير . وفي الحديث : الذي يسدر في البحر كالمتشحط في دمه ; والسدر ، بالتحريك : كالدوار ، وهو كثيرا ما يعرض لراكب البحر . وفي حديث علي : نفر مستكبرا وخبط سادرا أي لاهيا . والسادر : الذي لا يهتم لشيء ولا يبالي ما صنع ; قال :


                                                          سادرا أحسب غيي رشدا     فتناهيت وقد صابت بقر



                                                          والسدر : اسمدرار البصر . ابن الأعرابي : سدر قمر ، وسدر من شدة الحر . والسدر : تحير البصر . وقوله تعالى : عند سدرة المنتهى ; زعم الليث : أنها سدرة في السماء السابعة لا يجاوزها ملك ولا نبي وقد أظلت السماء والجنة ، قال : ويجمع على ما تقدم ، وفي حديث الإسراء : ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ، قال ابن الأثير : وسدرة المنتهى في أقصى الجنة إليها ينتهي علم الأولين والآخرين ولا يتعداها . وسدر ثوبه يسدره سدرا سدورا : شقه ; عن يعقوب . والسدر والسدل : إرسال الشعر . ويقال : شعر مسدول مسدور وشعر منسدر ومنسدل إذا كان مسترسلا . وسدرت المرأة شعرها فانسدر : لغة في سدلته فانسدل . ابن سيده : سدر الشعر والستر يسدره سدرا أرسله ، وانسدر هو . وانسدر أيضا : أسرع بعض الإسراع . أبو عبيد : يقال : انسدر فلان يعدو وانصلت يعدو إذا أسرع في عدوه . اللحياني : سدر ثوبه سدرا إذا أرسله طولا . وقال أبو عمرو : تسدر بثوبه إذا تجلل به . والسدار : شبه الكلة تعرض في الخباء . والسيدارة : القلنسوة بلا أصداغ . عن الهجري : السدير بناء وهو بالفارسية سهدلى أي ثلاث شعب أو ثلاث مداخلات . وقال الأصمعي : السدير فارسية كأن أصله سادل أي قبة في ثلاث قباب متداخلة ، وهي التي تسميها الناس اليوم سدلى ، فأعربته العرب فقالوا : سدير السدير : النهر ، وقد غلب على بعض الأنهار قال :


                                                          ألابن أمك ما بدا     ولك الخورنق والسدير ؟



                                                          التهذيب : السدير نهر بالحيرة ; قال عدي :


                                                          سره حاله وكثرة ما يم     لك والبحر معرضا والسدير



                                                          والسدير : نهر ، ويقال : قصر ، وهو معرب وأصله بالفارسية سه دله أي فيه قباب مداخلة ، ابن سيده : والسدير منبع الماء وسدير النخل : سواده ومجتمعه . وفي نوادر الأصمعي التي رواها عنه أبو يعلى قال : قال أبو عمرو بن العلاء : السدير العشب ، والأسدران : المنكبان ، وقيل : عرقان في العين أو تحت الصدغين . وجاء يضرب أسدريه يضرب مثلا للفارغ الذي لا شغل له ، وفي حديث الحسن : يضرب أسدريه أي عطفيه ومنكبيه يضرب بيديه عليهما ، وهو بمعنى الفارغ . وقال أبو زيد : يقال : للرجل إذا جاء فارغا جاء ينفض أسدريه . وقال بعضهم : جاء ينفض أصدريه أي عطفيه . قال : وأسدراه منكباه . وقال ابن السكيت : جاء ينفض أزدريه ، بالزاي ، وذلك إذا جاء فارغا ليس بيده شيء ولم يقض طلبته . أبو عمرو : سمعت بعض قيس يقول : سدل الرجل في البلاد سدرا إذا ذهب فيها فلم يثنه شيء . ولعبة للعرب يقال : لها السدر والطبن . ابن سيده : والسدر اللعبة التي تسمى الطبن ، وهو خط مستدير تلعب بها الصبيان ; وفي حديث بعضهم : رأيت أبا هريرة يلعب السدر ; وقال ابن الأثير : هو لعبة يلعب بها يقامر بها ، وتكسر سينها وتضم ، وهي فارسية معربة عن ثلاثة أبواب ; ومنه حديث يحيى بن أبي كثير : السدر هي الشيطانة الصغرى يعني أنها من أمر الشيطان ; وقول أمية بن أبي الصلت :


                                                          وكأن برقع ، والملائك حولها     سدر تواكله القوائم ، أجرد



                                                          سدر ; للبحر ، لم يسمع به إلا في شعره ، وقال أبوعلي : وقال : أجرد لأنه قد لا يكون كذلك إذا تموج ، الجوهري : سدر اسم من أسماء البحر ; وأنشد بيت أمية إلا أنه قال : عوض حولها حوله ، وقال : عوض أجرد أجرب . بالباء ، وقال ابن بري : صوابه أجرد بالدال كما أوردناه ، والقصيدة كلها دالية ; وقبله :


                                                          فأتم ستا فاستوت أطباقها     وأتى بسابعة فأنى تورد



                                                          قال : وصواب قوله حوله أن يقول : حولها لأن برقع اسم من أسماء السماء مؤنثة لا تنصرف للتأنيث والتعريف ، وأراد بالقوائم ها هنا الرياح ، وتواكلته : تركته . يقال : تواكله القوم إذا تركوه ; شبه السماء بالبحر عند سكونه وعدم تموجه ; قال ابن سيده وأنشد ثعلب :


                                                          وكأن برقع ، والملائك تحتها     سدر تواكله قوائم أربع



                                                          قال سدر يدور . وقوائم أربع : قال هم الملائكة لا يدري كيف خلقهم . قال : شبه الملائكة في خوفها من الله تعالى بهذا الرجل السدر . وبنو سادرة : حي من العرب : وسدرة : قبيلة ; قال :


                                                          قد لقيت سدرة جمعا ذا لها     وعددا فخما وعزا بزرى



                                                          [ ص: 153 ] فأما قوله :

                                                          عز على ليلى بذي سدير     سوء مبيتي بلد الغمير



                                                          فقد يجوز أن يريد بذي سدر فصغر ، وقيل ذو سدير موضع بعينه . ورجل سندرى : شديد ، مقلوب عن سرندى .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية