الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سدم ]

                                                          سدم : السدم ، بالتحريك : الندم والحزن . والسدم : الهم ، [ ص: 156 ] وقيل : هم مع ندم ، وقيل : غيظ مع حزن ، وقد سدم ، بالكسر ، فهو سادم وسدمان . تقول : رأيته سادما نادما ، ورأيته سدمان ندمان ، وقلما يفرد السدم من الندم ، ورجل سدم ندم . ابن الأنباري في قولهم رجل سادم نادم : قال قوم : السادم معناه المتغير العقل من الغم ، وأصله من قولهم ماء سدم ومياه سدم وأسدام إذا كانت متغيرة ; قال ذو الرمة :


                                                          أواجن أسدام وبعض معور



                                                          وقال قوم : السادم الحزين الذي لا يطيق ذهابا ولا مجيئا ، من قولهم بعير مسدم إذا منع عن الضراب وما له هم ولا سدم إلا ذاك . والسدم : الحرص ، والسدم : اللهج بالشيء . وفي الحديث : من كانت الدنيا همه وسدمه جعل الله فقره بين عينيه ; والسدم : الولوع بالشيء واللهج به . وفحل سدم وسدم ومسدوم ومسدم : هائج ، وقيل : هو الذي يرسل في الإبل فيهدر بينها ؛ فإذا ضبعت أخرج عنها استهجانا لنسله ، وقيل : المسدوم والمسدم الممنوع من الضراب بأي وجه كان . والمسدم : من فحول الإبل . والسدم : الذي يرغب عن فحلته فيحال بينه وبين ألافه ويقيد إذا هاج ، فيرعى حوالي الدار ، وإن صال جعل له حجام يمنعه عن فتح فمه ; ومنه قول الوليد بن عقبة :


                                                          قطعت الدهر ، كالسدم المعنى     تهدر في دمشق وما تريم



                                                          وقال ابن مقبل :


                                                          وكل رباع أو سديس مسدم     يمد بذفرى حرة وجران



                                                          ويقال للبعير إذا دبر ظهره فأعفي من القتب حتى صلح دبره : مسدم أيضا ; وإياه عنى الكميت بقوله :


                                                          قد أصبحت بك أحفاضي مسدمة     زهرا بلا دبر فيها ولا نقب



                                                          أي أرحتها من التعب فابيضت ظهورها ودبرها وصلحت . والأحفاض جمع حفض وهو البعير الذي يحمل عليه خرثي المتاع وسقطه . وقال أبو عبيدة : بعير سدم وعاشق سدم إذا كان شديد العشق ، ويقال للناقة الهرمة : سدمة وسدرة وسادة وكافة . الجوهري : السدم الفحل القطيم الهائج ; وقال الوليد بن عقبة : كالسدم المعنى ; ورجل سدم أي مغتاظ . وفنيق مسدم : جعل على فمه الكعام . والسديم : الضباب الرقيق ; قال :


                                                          وقد حال ركن من أحامر ، دونه     كأن ذراه جللت بسديم



                                                          وسدم الباب : رده ; عن ابن الأعرابي : وقد سطمت الباب سدمته إذا رددته ، فهو مسطوم ومسدوم . وماء سدم ، وسدم وسدم وسدوم : مندفق ، والجمع أسدام وسدام ، وقد قيل : الواحد والجمع في ذلك سواء مسدم كسدم ; قال ذو الرمة :


                                                          وكائن تخطت ناقتي من مفازة     إليك ، ومن أحواض ماء مسدم



                                                          وقوله :


                                                          وراد أسمال المياه السدم     في أخريات الغبش المغم



                                                          يكون جمع سدوم كرسول ورسل ، والأصل فيه التثقيل . وركهية سدم وسدم مثل عسر وعسر إذا ادفنت ; قال أبو محمد الفقعسي :


                                                          يشربن من ماوان ماء مرا     ومن سنام مثله أو شرا
                                                          سدم المساقي المرخيات صفرا



                                                          قال : ومثله في السدم ما أنشده الفراء :


                                                          إذا ما المياه السدم آضت كأنها     من الأجن جناء معا وصبيب



                                                          وقال الأخطل :


                                                          حبسوا المطي على قليل عهده     طام يعين ، وغائر مسدوم



                                                          والسديم : التعب . والسديم : السدر . والسديم : الماء المندفق . والسديم : الكثير الذكر ، قال : ومنه قوله :


                                                          لا يذكرون الله إلا سدما



                                                          قال الليث : ماء سدم وهو الذي وقعت فيه الأقمشة والجولان حتى يكاد يندفن ، وقد سدم يسدم . ويقال : منهل سدوم في موضع سدم ; وأنشد :


                                                          ومنهلا وردته سدوما



                                                          وسدوم ، بفتح السين : مدينة بحمص ، ويقال لقاضيها : قاضي سدوم ، ويقال : هي مدينة من مدائن قوم لوط كان قاضيها يقال له سدوم ; قال الشاعر :


                                                          كذلك قوم لوط حين أمسوا     كعصف ، في سدومهم رميم



                                                          الأزهري : قال أبو حاتم في كتاب المزال والمفسد : إنما هو سذوم ، بالذال المعجمة ، وقال : والدال خطأ ; قال الأزهري : وهذا عندي هو الصحيح ، وقال ابن بري : ذكر ابن قتيبة أنه سذوم ، بالذال المعجمة ، وقال : والمشهور بالدال ; قال : وكذا روي بيت عمرو بن دراك العبدي :


                                                          وإني ، إن قطعت حبال قيس     وخالفت المزون على تميم
                                                          لأعظم فجرة من أبي رغال     وأجور في الحكومة من سدوم



                                                          قال : وهذا يحتمل وجهين : أحدهما أن تحذف مضافا تقديره من أهل سدوم ، وهم قوم لوط فيهم مدينتان وهما سدوم وعاموراء أهلكهما الله فيما أهلكه ، والوجه الثاني : أن يكون سدوم اسم رجل ، قال : وكذا نقل أهل الأخبار ، قالوا : كان سدوم ملكا فسميت المدينة باسمه ، وكان من أجور الملوك ; وأنشد ابن حمزة بيتي عمرو بن دراك والبيت الثاني :


                                                          لأخسر صفقة من شيخ مهو     وأجور في الحكومة من سدوم



                                                          [ ص: 157 ] ونسبهما إلى ابن دارة ؛ قالهما في وقعة مسعود بن عمرو القم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية