الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سدا ]

                                                          سدا : السدو : مد اليد نحو الشيء كما تسدو الإبل في سيرها بأيديها وكما يسدو الصبيان إذا لعبوا بالجوز فرموا به في الحفيرة ، والزدو لغة كما قالوا للأسد أزد ، وللسراد زراد . وسدا يديه سدوا واستدى : مد بهما ; قال :


                                                          سدى بيديه ثم أج بسيره كأج الظليم من قنيص وكالب



                                                          وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          ناج يغنيهن بالإبعاط     إذا استدى نوهن بالسياط



                                                          يقول : إذا سدا هذا البعير حمل سدوه هؤلاء القوم على أن يضربوا إبلهم فكأنهن نوهن بالسياط لما حملنهم على ذلك ، وقال ثعلب : الرواية يعنيهن ; وقوله :


                                                          يا رب سلم سدوهن الليله     وليلة أخرى وكل ليله



                                                          إنما أراد سلمهن وقوهن ، لكن أوقع الفعل على السدو لأن السدو إذا سلم فقد سلم السادي . الجوهري : وسدت الناقة تسدو ، وهو تذرعها في المشي واتساع خطوها ، يقال : ما أحسن سدو رجليها وأتو يديها ! قال ابن بري : قال علي بن حمزة السدو السير اللين ; قال القطامي :


                                                          وكل ذلك منها كلما رفقت     منها المكري ، ومنها اللين السادي



                                                          وقال ابن بري : قول الجوهري وهو تذرعها في المشي واتساع خطوها ليس فيه طعن ؛ لأن السدو اتساع خطو الناقة ، وقد يكون ذلك مع رفق ، ألا ترى إلى قوله منها المكري يريد البطئ ومنها ، السادي الذي فيه اتساع خطو مع لين . وناقة سدو : تمد يديها في سدوها وتطرحهما ; قال وأنشد :


                                                          مائرة الرجل سدو باليد



                                                          ونوق سواد ، والعرب تسمي أيدي الإبل السوادي لسدوها بها ثم صار ذلك اسما لها ; قال ذو الرمة :


                                                          كأنا على حقب خفاف ، إذا خدت     سواديهما بالواخدات الرواحل



                                                          أراد إذا خدت أيديها وأرجلها . أبو عمرو : السادي والزادي الحسن السير من الإبل ; قال الشاعر :


                                                          يتبعن سدو رسلة تبدح



                                                          أي تمد ضبعيها . والسدو : ركوب الرأس في السير يكون في الإبل والخيل . وسدو الصبيان بالجوز استداؤهم : لعبهم به . وسدا الصبي بالجوزة : رماها من علو إلى سفل . وسدا سدو كذا : نحا نحوه . وفلان يسدو سدو كذا : ينحو نحوه . وخطب الأمير فما زال على سدو واحد أي على نحو واحد من السجع ; حكاه ابن الأعرابي : وقول ساعدة بن جؤية الهذلي يصف سحابا :


                                                          ساد تجرم في البضيع ثمانيا     يلوي بعيقات البحار ويجنب



                                                          قال ابن سيده : قيل معنى ساد هنا مهمل لا يرد عن شرب ، وقيل : هو من الإسآد الذي هو سير الليل كله ، قال : وهذا لا يجوز إلا أن يكون على القلب كأنه سائد أي ذو إسآد ، ثم قلب فقيل ساديء ثم أبدل الهمز إبدالا صحيحا فقال سادي ، ثم أعله كما أعل قاض ورام . وتسدى الشيء : ركبه وعلاه ; قال ابن مقبل :


                                                          بسرو حمير أبوال البغال به     أن تسديت وهنا ذلك البينا



                                                          والسدى المعروف : خلاف لحمة الثوب ، وقيل : أسفله ، وقيل : ما مد منه ، واحدته سداة . والأسدي : كالسدى سدى الثوب ، وقد سداه لغيره وتسداه لنفسه ، وهما سديان ، والجمع أسدية ; تقول منه : أسديت الثوب وأستيته . وسدى الثوب يسديه وستاه يستيه . ويقال : ما أنت بلحمة ولا سداة ولا ستاة ; يضرب مثلا لمن لا يضر ولا ينفع ; وأنشد شمر :


                                                          فما تأتوا يكن حسنا جميلا     وما تسدوا لمكرمة تنيروا



                                                          يقول : إذا فعلتم أمرا أبرمتموه . الأصمعي : الأسدي والأستي سدى الثوب . وقال ابن شميل : أسديت الثوب بسداه ; وقال الشاعر :


                                                          إذا أنا أسديت السداة ، فألحما [ ص: 158 ]     ونيرا ؛ فإني سوف أكفيكما الدما



                                                          وإذا نسج إنسان كلاما أو أمرا بين قوم قيل : سدى بينهم . والحائك يسدي الثوب ويتسدى لنفسه ، وأما التسدية فهي له ولغيره ، وكذلك ما أشبه هذا ; قال رؤبة يصف السراب :


                                                          كفلكة الطاوي أدار الشهرقا     أرسل غزلا وتسدى خشتقا



                                                          وأسدى بينهم حديثا : نسجه ، وهو على المثل . والسدى : الشهد يسديه النحل ، على المثل أيضا . والسدى : ندى الليل ، وهو حياة الزرع ; قال الكميت وجعله مثلا للجود :


                                                          فأنت الندى فيما ينوبك والسدى     إذا الخود عدت عقبة القدر مالها



                                                          وسديت الأرض إذا كثر نداها ، من السماء كان أو من الأرض ، فهي سدية على فعلة . وقال ابن بري : وحكى بعض أهل اللغة أن رجلا أتى إلى الأصمعي فقال : له زعم أبو زيد : أن الندى ما كان في الأرض السدى ما سقط من السماء ؛ فغضب الأصمعي وقال : ما يصنع بقول الشاعر :


                                                          ولقد أتيت البيت يخشى أهله     بعد الهدو ، وبعدما سقط الندى



                                                          أفتراه يسقط من الأرض إلى السماء ؟ وسديت الليلة فهي سدية إذا كثر نداها ; وأنشد :


                                                          يمسدها القفر وليل سدي



                                                          والسدى : هو الندى القائم ، وقلما يوصف به النهار فيقال يوم سد ، وإنما يوصف به الليل ، وقيل : السدى والندى واحد . ومكان سد : كند ; وأنشد المازني لرؤبة :


                                                          ناج يغنيهن بالإبعاط     والماء نضاح من الآباط
                                                          إذا استدى نوهن بالسياط



                                                          قال : الإبعاط والإفراط واحد ، إذا استدى إذا عرق ، وهو من السدى ، وهو الندى ، نوهن : كأنهن يدعون به ليضربن ، والمعنى أنهن يكلفن من أصحابهن ذلك لأن هذا الفرس يسبقهن فيضرب أصحاب الخيل خيلهم لتلحقه . والسدى : المعروف ، وقد أسدى إليه سدى سداه عليه . أبو عمرو : أزدى إذا اصطنع معروفا ، وأسدى إذا أصلح بين اثنين ، وأصدى إذا مات ، وأصدى إناءه إذا ملأه . وفي الحديث : من أسدى إليكم معروفا فكافئوه ، أسدى وأولى وأعطى بمعنى . يقال : أسديت إليه معروفا أسدي إسداء . شمر : السدى والسداء ، ممدود ، البلح بلغة أهل المدينة ، وقيل : السدى البلح الأخضر ، وقيل : البلح الأخضر بشماريخه ، يمد ويقصر ، يمانية ، واحدته سداة وسداءة . وبلح سد مثال عم : مسترخي الثفاريق ند . وقد سدي البلح ، بالكسر ، وأسدى ، والواحدة سدية والثفروق قمع البسرة . وكل رطب ند فهو سد ; حكاه أبو حنيفة ; ومنه قول الشاعر :


                                                          مكمم جبارها والجعل     ينحت منهن السدى والحصل



                                                          وأسدى النخل إذا سدي بسره . قال ابن بري : وحكى ابن الأعرابي المد في السداء البلح ، وقال : وكذلك حكاه أبو حنيفة ; وأنشد :


                                                          وجارة لي لا يخاف داؤها     عظيمة جمتها فناؤها
                                                          يعجل قبل بسرها سداؤها     فجارة السوء لها فداؤها



                                                          وقيل : إن الرواية فنواؤها ، والقياس فناؤها . ويقال : طلبت أمرا فأسديته أي أصبته ، وإن لم تصبه قلت أعمسته . والسدى والسدى : المهمل ، الواحد والجمع فيه سواء . ويقال : إبل سدى أي مهملة ، وبعضهم يقول : سدى . وأسديتها : أهملتها ; وأنشد ابن بري للبيد :


                                                          فلم أسد ما أرعى ، وتبل رددته     فأنجحت بعد الله من خير مطلب



                                                          وقوله عز وجل : أيحسب الإنسان أن يترك سدى ; أي يترك مهملا غير مأمور وغير منهي ، وقد أسداه . وأسديت إبلي إسداء إذا أهملتها ، والاسم السدى . ويقال : تسدى فلان الأمر إذا علاه وقهره ، وتسدى فلان فلانا إذا أخذه من فوقه . وتسدى الرجل جاريته إذا علاها ; قال ابن مقبل :


                                                          أنى تسديت وهنا ذلك البينا



                                                          يصف جارية طرقه خيالها من بعد فقال لها : كيف علوت بعد وهن من الليل ذلك البلد ؟ قال ابن بري : ومثله قول جرير :


                                                          وما ابن حناءة بالرث الوان     يوم تسدى الحكم بن مروان



                                                          تسداه أي علاه ; قال الشاعر :


                                                          فلما دنوت تسديتها     فثوبا لبست وثوبا أجر



                                                          قال ابن بري : المعروف سدى ، بالضم ; قال حميد بن ثور يصف إبله :


                                                          فجاء بها الوراد يسعون حولها     سدى بين قرقار الهدير وأعجما



                                                          وفي الحديث : أنه كتب ليهود تيماء أن لهم الذمة وعليهم الجزية بلا عداء النهار مدى والليل سدى ; السدى : التخلية ، والمدى : الغاية ; أراد أن لهم ذلك أبدا ما دام الليل والنهار . والسادي : السادس في بعض اللغات ; قال الشاعر :


                                                          إذا ما عد أربعة فسال     فزوجك خامس وحموك سادي



                                                          أراد السادس فأبدل من السين ياء كما فسر في ست . والسادي : الذي يبيت حيث أمسى ; وأنشد :


                                                          بات على الخل وما باتت سدى



                                                          وقال :


                                                          ويأمن سادينا وينساح سرحنا     إذا أزل السادي وهيت المطالع



                                                          [ ص: 159 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية