الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سرح ]

                                                          سرح : السرح : المال السائم . الليث : السرح المال يسام في المرعى من الأنعام . سرحت الماشية تسرح سرحا وسروحا : سامت . وسرحها هو : أسامها ، يتعدى ولا يتعدى ; قال أبو ذؤيب :


                                                          وكان مثلين : أن لا يسرحوا نعما حيث استراحت مواشيهم وتسريح



                                                          تقول : أرحت الماشية وأنفشتها وأسمتها وأهملتها سرحتها سرحا ، هذه وحدها بلا ألف . وقال أبو الهيثم في قوله تعالى : حين تريحون وحين تسرحون ; قال : يقال سرحت الماشية أي أخرجتها بالغداة إلى المرعى . وسرح المال نفسه إذا رعى بالغداة إلى الضحى . والسرح : المال السارح ، ولا يسمى من المال سرحا إلا ما يغدى به ويراح ; وقيل : السرح من المال ما سرح عليك . يقال : سرحت بالغداة وراحت بالعشي ، ويقال : سرحت أنا أسرح سروحا أي غدوت ; وأنشد لجرير :


                                                          وإذا غدوت فصبحتك تحية     سبقت سروح الشاحجات الحجل



                                                          قال : والسرح المال الراعي . وقول أبي المجيب ووصف أرضا جدبة : وقضم شجرها والتقى سرحاها ; يقول : انقطع مرعاها حتى التقيا في مكان واحد ، والجمع من كل ذلك سروح . والمسرح ، بفتح الميم : مرعى السرح ، وجمعه المسارح ; ومنه قوله :


                                                          إذا عاد المسارح كالسباح



                                                          وفي حديث أم زرع : له إبل قليلات المسارح ; هو جمع مسرح ، وهو الموضع الذي تسرح إليه الماشية بالغداة للرعي ; قيل : تصفه بكثرة الإطعام وسقي الألبان أي أن إبله على كثرتها لا تغيب عن الحي ولا تسرح في المراعي البعيدة ؛ ولكنها باركة بفنائه ليقرب الضيفان من لبنها ولحمها ، خوفا من أن ينزل به ضيف ، وهي بعيدة عازبة ; وقيل : معناه أن إبله كثيرة في حال بروكها ؛ فإذا سرحت كانت قليلة لكثرة ما نحر منها في مباركها للأضياف ; ومنه حديث جرير : لا يعزب سارحها أي لا يبعد ما يسرح منها إذا غدت للمرعى . والسارح : يكون اسما للراعي الذي يسرح الإبل ، ويكون اسما للقوم الذين لهم السرح كالحاضر والسامر وهما جميع . وما له سارحة ولا رائحة أي ما له شيء يروح ولا يسرح ; قال اللحياني : وقد يكون في معنى ما له قوم . وفي كتاب كتبه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لأكيدر دومة الجندل : لا تعدل سارحتكم ولا تعد فاردتكم . قال أبو عبيد : أراد أن ماشيتهم لا تصرف عن مرعى تريده . يقال عدلته أي صرفته ، فعدل أي انصرف . والسارحة : هي الماشية التي تسرح بالغداة إلى مراعيها . وفي الحديث الآخر : ولا يمنع سرحكم ; السرح والسارح والسارحة سواء : الماشية ; قال خالد بن جنبة : السارحة الإبل والغنم . قال : والسارحة الدابة الواحدة ، قال : وهي أيضا الجماعة . والسرح : انفجار البول بعد احتباسه . وسرح عنه فانسرح وتسرح : فرج . وإذا ضاق شيء ففرجت عنه ، قلت : سرحت عنه تسريحا ; قال العجاج :


                                                          وسرحت عنه ، إذا تحوبا     رواجب الجوف الصهيل الصلبا



                                                          وولدته سرحا أي في سهولة . وفي الدعاء : اللهم اجعله سهلا سرحا . وفي حديث الفارعة : أنها رأت إبليس ساجدا تسيل دموعه كسرح الجنين ; السرح : السهل . وإذا سهلت ولادة المرأة ، قيل : ولدت سرحا . والسرح والسريح : إدرار البول بعد احتباسه ; ومنه حديث الحسن : يا لها نعمة ، يعني الشربة من الماء ، تشرب لذة وتخرج سرحا أي سهلا سريعا . والتسريح : التسهيل . وشيء سريح : سهل . وافعل ذلك في سراح ورواح أي في سهولة . ولا يكون ذلك إلا في سريح أي في عجلة . وأمر سريح : معجل والاسم منه السراح ، والعرب تقول : إن خيرك لفي سريح ، وإن خيرك لسريح ; وهو ضد البطيء . ويقال : تسرح فلان من هذا المكان إذا ذهب وخرج . وسرحت ما في صدري سرحا أي أخرجته . وسمي السرح سرحا ؛ لأنه يسرح فيخرج ; وأنشد :


                                                          وسرحنا كل ضب مكتمن



                                                          والتسريح : إرسالك رسولا في حاجة سراحا . سرحت فلانا إلى موضع كذا إذا أرسلته . وتسريح المرأة : تطليقها . والاسم السراح ، مثل التبليغ والبلاغ . وتسريح دم العرق المفصود : إرساله بعدما يسيل منه حين يفصد مرة ثانية . وسمى الله ، عز وجل ، الطلاق سراحا ؛ فقال : وسرحوهن سراحا جميلا ; كما سماه طلاقا من طلق المرأة ، وسماه الفراق ؛ فهذه ثلاثة ألفاظ تجمع صريح الطلاق الذي لا يدين فيها المطلق بها إذا أنكر أن يكون عنى بها طلاقا ، وأما الكنايات عنها بغيرها مثل البائنة والبتة والحرام وما أشبهها ؛ فإنه يصدق فيها مع اليمين أنه لم يرد بها طلاقا . وفي المثل : السراح من النجاح ; إذا لم تقدر على قضاء حاجة الرجل فأيسه فإن ذلك عنده بمنزلة الإسعاف . وتسريح الشعر : إرساله قبل المشط ; قال الأزهري : تسريح الشعر ترجيله وتخليص بعضه من بعض بالمشط ; والمشط يقال له : المرجل والمسرح ، بكسر الميم . والمسرح ، بفتح الميم : المرعى الذي تسرح فيه الدواب للرعي . وفرس سريح أي عري ، وخيل سرح وناقة سرح منسرحة في سيرها أي سريعة ; قال الأعشى :


                                                          بجلالة سرح ؛ كأن بغرزها     هرا ، إذا انتعل المطي ظلالها



                                                          ومشية سرح مثل سجح أي سهلة . وانسرح الرجل إذا استلقى وفرج بين رجليه : وأما قول حميد بن ثور :


                                                          أبى الله إلا أن سرحة مالك     على كل أفنان العضاه تروق



                                                          فإنما كنى بها عن امرأة . قال الأزهري : العرب تكني عن المرأة بالسرحة النابتة على الماء ; ومنه قوله :


                                                          يا سرحة الماء قد سدت موارده [ ص: 164 ]     أما إليك طريق غير مسدود
                                                          لحائم حام حتى لا حراك به     محلإ عن طريق الورد مردود



                                                          كنى بالسرحة النابتة على الماء عن المرأة لأنها حينئذ أحسن ما تكون ; وسرحة في قول لبيد :


                                                          لمن طلل تضمنه أثال     فسرحة فالمرانة فالخيال ؟



                                                          هو اسم موضع . والسروح والسرح من الإبل : السريعة المشي . ورجل منسرح : متجرد ; وقيل : قليل الثياب خفيف فيها ، وهو الخارج من ثيابه ; قال رؤبة :


                                                          منسرح إلا ذعاليب الخرق



                                                          والمنسرح : الذي انسرح عنه وبره . والمنسرح : ضرب من الشعر لخفته ، وهو جنس من العروض تفعيله : مستفعلن مفعولات مستفعلن ؛ ست مرات . وملاط سرح الجنب : المنسرح للذهاب والمجيء ; يعني بالملاط الكتف ، وفي التهذيب : العضد ; وقال كراع : هو الطين ; قال ابن سيده : لا أدري ما هذا . ابن شميل : ابنا ملاطي البعير هما العضدان ، قال : والملاطان ما عن يمين الكركرة وشمالها . والمسرحة : ما يسرح به الشعر والكتان ونحوهما . وكل قطعة من خرقة متمزقة أو دم سائل مستطيل يابس ؛ فهو ما أشبهه سريحة ، والجمع سريح سرائح ، والسريحة : الطريقة من الدم إذا كانت مستطيلة ; وقال لبيد :


                                                          بلبته سرائح كالعصيم



                                                          قال : والسريح السير الذي تشد به الخدمة فوق الرسغ . والسرائح والسرح : نعال الإبل ; وقيل : سيور نعالها ، كل سير منها سريحة ; وقيل : السيور التي يخصف بها ، واحدتها سريحة ، والخدام سيور تشد في الأرساغ ، والسرائح : تشد إلى الخدم . والسرح : فناء الباب . والسرح : كل شجر لا شوك فيه ، والواحدة سرحة ; وقيل : والسرح : كل شجر طال . وقال أبو حنيفة : السرحة دوحة محلال واسعة يحل تحتها الناس في الصيف ، ويبتنون تحتها البيوت ، وظلها صالح ; قال الشاعر :


                                                          فيا سرحة الركبان ، ظلك بارد     وماؤك عذب ، لا يحل لوارد



                                                          والسرح : شجر كبار عظام طوال لا يرعى وإنما يستظل فيه ، وينبت بنجد في السهل والغلظ ، ولا ينبت في رمل ولا جبل ، ولا يأكله المال إلا قليلا ، له ثمر أصفر ، واحدته سرحة ، ويقال : هو الآء ، على وزن العاع ، يشبه الزيتون ، والآء ثمرة السرح ; قال : وأخبرني أعرابي قال : في السرحة غبرة وهي دون الأثل في الطول ، وورقها صغار ، وهي سبطة الأفنان ، قال : وهي مائلة النبتة أبدا وميلها من بين جميع الشجر في شق اليمين ، قال : ولم أبل على هذا الأعرابي كذبا . الأزهري : عن الليث : السرح شجر له حمل وهي الألاءة ، والواحدة سرحة ; قال الأزهري : هذا غلط ليس السرح من الألاءة في شيء . قال أبو عبيد : السرحة ضرب من الشجر معروفة ; وأنشد قول عنترة :


                                                          بطل كأن ثيابه في سرحة     يحذى نعال السبت ، ليس بتوأم



                                                          يصفه بطول القامة ؛ فقد بين لك أن السرحة من كبار الشجر ، ألا ترى أنه شبه به الرجل لطوله ، والألاء لا ساق له ولا طول ؟ وفي حديث ابن عمر أنه قال : إن بمكان كذا وكذا سرحة لم تجرد ولم تعبل ، سر تحتها سبعون نبيا ، وهذا يدل على أن السرحة من عظام الشجر ، ورواه ابن الأثي : ولم تجرد ولم تسرح ، قال : ولم تسرح لم يصبها السرح فيأكل أغصانها وورقها ، قال : وقيل : هو مأخوذ من لفظ السرحة ، أراد لم يؤخذ منها شيء ، كما يقال : سجرت الشجرة إذا أخذت بعضها . وفي حديث ظبيان : يأكلون ملاحها ويرعون سراحها . ابن الأعرابي : السرح كبار الذكوان ، والذكوان شجر حسن العساليج . أبو سعيد : سرح السيل يسرح سروحا سرحا إذا جرى جريا سهلا ؛ فهو سيل سارح ; وأنشد :


                                                          ورب كل شوذبي منسرح     من اللباس غير جرد ما نصح



                                                          والجرد : الخلق من الثياب . ومن نصح أي ما خيط . والسريحة من الأرض : الطريقة الظاهرة المستوية في الأرض ضيقة ; قال الأزهري : وهي أكثر نبتا وشجرا مما حولها وهي مشرفة على ما حولها ، والجمع السرائح ، فتراها مستطيلة شجيرة وما حولها قليل الشجر ، وربما كانت عقبة . وسرائح السهم : العقب الذي عقب به ; وقال أبو حنيفة : هي العقب الذي يدرج على الليط ، واحدته سريحة . والسرائح أيضا : آثار فيه كآثار النار . وسرح : ماء لبني عجلان ؛ ذكره ابن مقبل ؛ فقال :


                                                          قالت سليمى ببطن القاع من سرح



                                                          وسرحه الله وسرحه أي وفقه الله ; قال الأزهري : هذا حرف غريب سمعته بالحاء في المؤلف عن الإيادي . والمسرحان : خشبتان تشدان في عنق الثور الذي يحارث به ; عن أبي حنيفة : سرح اسم قال الراعي :


                                                          فلو أن حق اليوم منكم أقامه     وإن كان سرح قد مضى فتسرعا



                                                          ومسروح : قبيلة . والمسروح : الشراب . حكي عن ثعلب وليس منه على ثقة ، سرحان الحوض : وسطه . والسرحان : الذئب . والجمع سراح ، سراحين سراحي بغير نون ، كما يقال : ثعالب وثعالي . قال الأزهري : وأما السراح في جمع السرحان فغير محفوظ عندي . وسرحان : مجرى من أسماء الذئب ; ومنه قوله :


                                                          وغارة سرحان وتقريب تتفل



                                                          والأنثى بالهاء والجمع كالجمع ; وقد تجمع هذه بالألف والتاء . والسرحان والسيد : الأسد بلغة هذيل ، قال أبو المثلم يرثي صخر الغي :


                                                          هباط أودية ، حمال ألوية     شهاد أندية ، سرحان فتيان



                                                          [ ص: 165 ] والجمع كالجمع ; وأنشد أبو الهيثم لطفيل :


                                                          وخيل كأمثال السراح مصونة     ذخائر ما أبقى الغراب ومذهب



                                                          قال أبو منصور : وقد جاء في شعر مالك بن الحارث الكاهلي :


                                                          ويوما نفتل الآثار شفعا     فنتركهم تنوبهم السراح



                                                          شفعا أي ضعف ما قتلوا وقيس على ضبعان وضباع ; قال الأزهري : ولا أعرف لهما نظيرا . والسرحان : فعلان من سرح يسرح ; وفي حديث الفجر الأول : كأنه ذنب السرحان ; هو الذئب ، وقيل : الأسد . وفي المثل : سقط العشاء به على سرحان ; قال سيبويه النون زائدة ، وهو فعلان والجمع سراحين ; قال الكسائي : الأنثى سرحانة . والسرحال : السرحان ، على البدل عند يعقوب ; وأنشد :


                                                          ترى رذايا الكوم فوق الخال     عيدا لكل شيهم طملال
                                                          والأعور العين مع السرحال



                                                          وفرس سرياح : سريع : قال ابن مقبل يصف الخيل :


                                                          من كل أهوج سرياح ومقربة     نفات يوم لكاك الورد في الغمر



                                                          قالوا : وإنما خص الغمر وسقيها فيه لأنه وصفها بالعتق وسبوطة الخد ولطافة الأفواه ، كما قال :


                                                          وتشرب في القعب الصغير ، وإن فقد     لمشفرها يوما إلى الماء تنقد



                                                          والسرياح : من الرجال الطويل . السرياح الجراد ، وأم سرياح امرأة مشتق منه ; قال بعض أمراء مكة ، وقيل : هو لدراج بن زرعة :


                                                          إذا أم سرياح غدت في     ظعائن جوالس نجد فاضت العين تدمع



                                                          قال ابن بري : وذكر أبو عمر الزاهد أن أم سرياح في غير هذا الموضع كنية الجرادة . والسرياح : اسم الجراد ، والجالس : الآتي نجدا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية