الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سرط ]

                                                          سرط : سرط الطعام والشيء ، بالكسر ، سرطا وسرطانا : بلعه واسترطه وازدرده ابتلعه ، ولا يجوز سرط ; وانسرط الشيء في حلقه سار فيه سيرا سهلا . والمسرط والمسرط : البلعوم ، والصاد لغة . والسرواط : الأكول ; عن السيرافي . والسراطي والسروط : الذي يسترط كل شيء يبتلعه . وقال اللحياني : رجل سرطم وسرطم يبتلع كل شيء ، وهو من الاستراط . وجعل ابن جني سرطما ثلاثيا ، والسرطم أيضا : البليغ المتكلم ، وهو من ذلك . وقالوا : الأخذ سريط وسريطى ، والقضاء ضريط وضريطى أي يأخذ الدين فيسترطه ، فإذا استقصاه غريمه أضرط به . ومن أمثال العرب : الأخذ سرطان والقضاء ليان ; وبعض يقول : الأخذ سريطاء ، والقضاء ضريطاء . وقال بعض الأعراب : الأخذ سريطى ، والقضاء ضريطى ، قال : وهي كلها لغات صحيحة قد تكلمت العرب بها ، والمعنى فيها كلها أنت تحب الأخذ وتكره الإعطاء . وفي المثل : لا تكن حلوا فتسترط ، ولا مرا فتعقى ، من قولهم : أعقيت الشيء إذا أزلته من فيك لمرارته كما يقال : أشكيت الرجل إذا أزلته عما يشكوه . ورجل سرطيط وسرط وسرطان : جيد اللقم . وفرس سرط وسرطان : كأنه يسترط الجري . وسيف سراط وسراطي : قاطع يمر في الضريبة كأنه يسترط كل شيء يلتهمه ، جاء على لفظ النسب وليس بنسب كأحمر وأحمري ; وقال المتنخل الهذلي :


                                                          كلون الملح ضربته هبير يتر العظم سقاط سراطي     به أحمي المضاف إذا دعاني
                                                          ونفسي ساعة الفزع الفلاط



                                                          وخفف ياء النسبة من سراطي لمكان القافية . قال ابن بري : وصواب إنشاده يتر ، بضم الياء . والفلاط : الفجاءة ، والسراط : السبيل الواضح ، والصراط لغة في السراط ، والصاد أعلى لمكان المضارعة ، وإن كانت السين هي الأصل وقرأها يعقوب بالسين ، ومعنى الآية ثبتنا على المنهاج الواضح ; وقال جرير :


                                                          أمير المؤمنين على صراط     إذا اعوج الموارد مستقيم



                                                          والموارد : الطرق إلى الماء ، واحدتها موردة ، قال الفراء : ونفر من بلعنبر يصيرون السين ، إذا كانت مقدمة ثم جاءت بعدها طاء أو قاف أو غين أو خاء ، صادا وذلك أن الطاء حرف تضع فيه لسانك في حنكك فينطبق به الصوت ، فقلبت السين صادا صورتها صورة الطاء ، واستخفوها ليكون المخرج واحدا كما استخفوا الإدغام ؛ فمن ذلك قولهم الصراط والسراط ، قال : وهي بالصاد لغة قريش الأولين التي جاء بها الكتاب ، قال : وعامة العرب تجعلها سينا ، وقيل : إنما قيل للطريق الواضح : سراط لأنه كأنه يسترط المارة لكثرة سلوكهم لا حبه ؛ فأما ما حكاه الأصمعي من قراءة بعضهم الزراط ، بالزاي المخلصة ، فخطأ إنما سمع المضارعة فتوهمها زايا ولم يكن الأصمعي نحويا فيؤمن على هذا . وقوله تعالى : ( هذا سراط علي مستقيم ) ; فسره ثعلب فقال : يعني الموت أي على طريقهم . والسريط والسرطراط والسرطراط ، بفتح السين والراء ، الفالوذج ، وقيل : الخبيص ، وقيل : السرطراط الفالوذج ، شامية . قال الأزهري : إما ، بالكسر ، فهي لغة جيدة لها نظائر مثل جلبلاب وسجلاط ؛ قال : وأما سرطراط فلا أعرف له نظيرا فقيل للفالوذج : سرطراط ، فكررت فيه الراء والطاء تبليغا في وصفه واستلذاذ آكله إياه إذا سرطه ، وأساغه في حلقه . ويقال : للرجل إذا كان سريع الأكل : مسرط وسراط وسرطة . والسرطراط : فعلعال من السرط الذي هو البلع ، والسريطى : حسا كالخزيرة . والسرطان : دابة من خلق الماء تسمية الفرس مخ . والسرطان : داء يأخذ الناس والدواب . وفي التهذيب : هو داء يظهر بقوائم الدواب ، وقيل : هو داء يعرض للإنسان في حلقه دموي يشبه الدبيلة ، وقيل : السرطان داء يأخذ في رسغ الدابة فييبسه حتى يقلب حافرها . والسرطان : من بروج الفلك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية