الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      المعافى

                                                                                      ابن زكريا بن يحيى بن حميد ، العلامة ، الفقيه الحافظ القاضي المتفنن ، عالم عصره أبو الفرج النهرواني الجريري ، نسبة إلى رأي ابن جرير الطبري ، ويقال له : ابن طرارا .

                                                                                      سمع أبا القاسم البغوي ، وأبا محمد بن صاعد ، وأبا بكر بن أبي داود ، وأبا سعيد العدوي ، وأبا حامد الحضرمي ، والقاضي المحاملي ، وخلقا كثيرا .

                                                                                      وتلا على ابن شنبوذ ، وأبي مزاحم الخاقاني .

                                                                                      [ ص: 545 ] قرأ عليه : القاضي أبو تغلب الملحمي ، وأحمد بن مسرور الخباز ، ومحمد بن عمر النهاوندي ، وطائفة .

                                                                                      وحدث عنه : أبو القاسم عبيد الله الأزهري ، والقاضي أبو الطيب الطبري ، وأحمد بن علي التوزي ، وأحمد بن عمر بن روح ، وأبو علي محمد بن الحسين الجازري ، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي ، وخلق سواهم .

                                                                                      قال الخطيب : كان من أعلم الناس في وقته بالفقه ، والنحو ، واللغة ، وأصناف الأدب ، ولي القضاء بباب الطاق ، وكان على مذهب ابن جرير ، وبلغنا عن أبي محمد البافي الفقيه ، أنه كان يقول : إذا حضر القاضي أبو الفرج فقد حضرت العلوم كلها .

                                                                                      قال الخطيب : وحدثني القاضي أبو حامد الدلوي ، قال : كان أبو محمد البافي ، يقول : لو أوصى رجل بثلث ماله أن يدفع إلى أعلم الناس لوجب أن يدفع إلى المعافى بن زكريا .

                                                                                      قال الخطيب : سألت البرقاني عن المعافى ، فقال : كان أعلم الناس ، وكان ثقة ، لم أسمع منه .

                                                                                      وحكى أبو حيان التوحيدي ، قال : رأيت المعافى بن زكريا قد نام مستدبر الشمس في جامع الرصافة في يوم شات ، وبه من أثر الضر والفقر والبؤس أمر عظيم مع غزارة علمه .

                                                                                      [ ص: 546 ] قال أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي : قرأت بخط المعافى بن زكريا ، قال : حججت وكنت بمنى ، فسمعت مناديا ينادي : يا أبا الفرج المعافى ، قلت : من يريدني ؟ وهممت أن أجيبه ثم نادى : يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني ، فقلت : ها أنا ذا ، ما تريد ؟ فقال : لعلك من نهروان العراق ، قلت : نعم ، قال : نحن نريد نهروان الغرب ، قال : فعجبت من هذا الاتفاق ، وعلمت أن بالمغرب مكانا يسمى النهروان .

                                                                                      مات المعافى بالنهروان في ذي الحجة سنة تسعين وثلاثمائة وله خمسة وثمانون سنة .

                                                                                      وله تفسير كبير في ست مجلدات جم الفوائد ، وله كتاب " الجليس والأنيس " في مجلدين .

                                                                                      وكان من بحور العلم .

                                                                                      أخبرنا عمر بن عبد المنعم ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا محمد بن أحمد النرسي ، أخبرنا المعافى ، حدثنا البغوي ، حدثنا وهب ، حدثنا خالد ، عن الشيباني ، عن عون بن عبد الله ، عن أخيه عبيد الله ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجمعة لساعة لا يسأل الله فيها عبد مؤمن شيئا إلا استجاب له .

                                                                                      [ ص: 547 ] وفيها توفي أبو حفص الكتاني ، وأمة السلام بنت القاضي أحمد بن كامل ، ونائب دمشق حبيش بن محمد بن صمصام البربري ، وعبد الله بن محمد بن عبد المؤمن القرطبي ، ومحمد بن جعفر بن رهيل ، وأبو زرعة محمد بن يوسف الكشي ، وأبو عبد الله بن أخي ميمي الدقاق .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية